عدد متابعي الموقع الآن

الخميس، 17 ديسمبر 2015

التعليم في المذرذرة : الإصلاح من الجذور

أحمد يحي ولد اباه
مدير مدرسة تندغيدسات
تعتبر سنة التعليم – أو سنواته – في أبسط التجليات لفتة تستحق الوقوف معها قراءة وتحليلا وتعليلا، فرغم اختلاف القائمين على الحقل التعليمي والتربوي حولها بين مسَفه ومثَمن فإن لها على التعليم أثرا إيجابيا في جوانب عدة أكثر من أي وقت مضى.
وحتى لا نقع ضحية التعميم فسنأخذ حالة بعينها هي حالة مقاطعة المذرذرة التي حظيت بمفتش للتعليم من فئة الشباب وهو أمر نادر إذ قلما نحظى بمفتش إلا وقد بلغ من الكبر عتيا، خارت قواه، وانحل عزمه، وارتخى ناظمه، وقل طموحه، مما يؤثر على مردوديته سلبا في الميدان لعلمه بقلة ما يستقبل من الزمان.
يتميز المفتش سيدي محمد قدوري بصفات القائد الناجح مما أهله أن يتصدى لوضع كان إلى حد قريب يوصف بالوضع السائب، حيث لا ناه ولا منته، تسلح المفتش بعزم وحزم تجليا في الصرامة التي جعلها قاعدة عامة ومعيارا في تعامله مع الطاقم التربوي، ثم إن الانضباط وعدم المساومة على الهم العام، وعدم التغاضي عن حق منتسبي المدارس في الولوج إلى المعارف الأساسية والمهارات الضرورية من خلال التربية والتعليم والرعاية من أول يوم وساعة وشهر، كلها ساعدت في خلق صورة لدى الأسرة التربوية في المذرذرة وتكند أن الأمر مأخوذ على محمل الجد وعلى الراغبين في الإصلاح السير في موكبه قبل أن يفوتهم القطار، وبالطبع فإن المساواة والجدية اللذين أحس بهما المدرسون والمؤطرون والآباء جعلتهم ينهضون للقيام بواجباتهم ويساعدون المفتش على تجسيد مخططه الطموح الذي يجدونه مكتوبا عندهم .
ولعل أهم الخطوات العملية – غير النظرية – لذلك المخطط ما يلي :
v التأطير : حيث أصبح من المعتاد أن يتنادى المدرسون والمؤطرون بشكل أسبوعي لتقديم درس نموذجي تحت إشراف مباشر من المفتش، وذلك لأجل تبادل الخبرات والمعلومات والتقنيات التربوية، وبشهادة أغلب المدرسين فإن تلك العملية كان لها أثر إيجابي على أدائهم داخل الفصول.
v تفعيل نظام الرقابة والمتابعة : يتميز المفتش سيدي محمد بحضوره الدائم في الميدان وصرامته في التعامل مع المشاكل المطروحة عليه، وهو ما يزعج المرجفين في المدينة وأصحاب الضمائر الميتة ممن كانوا ينتسبون للحقل دون إضافة جديد، أما اليوم فإن مقاطعة المذرذرة بجميع بلدياتها وتجمعاتها السكانية هي محل متابعة ومراقبة يومية بفضل شبكة المؤطرين والمتابعين التي جعلها المفتش تجوب الأنحاء وتقدم التقارير عن المدارس وعن القائمين عليها.
v تنشيط مكتب آباء التلاميذ : حيث عمل المفتش على أن يكون مكتب آباء التلاميذ جزءا من العملية التعليمية كما هو منصوص في القانون ويمليه الواقع، وقد كان لذلك دور إيجابي على الرقابة الذاتية وفي الإبلاغ عن النواقص لتوفيرها في الوقت المناسب.
v فرض الزي المدرسي الموحد على الطاقم وعلى المنتسبين مما يرجع بالأثر الإيجابي على المدرسة وعلى المنتسبين ومحيطهم.
v رفع مستويات التحصيل المعرفي: وقد لاحظ المراقبون للشأن التعليمي في المقاطعة ارتفاعا في درجات التلاميذ المترشحين لمسابقة دخول السنة الأولى من الإعدادية حتى على مستوى الراسبين الذين أصبحت درجاتهم مرتفعة نسبيا، وهو مؤشر على ارتفاع في مستوى التحصيل المعرفي، وقد ترتب على ذلك وجود تنافس إيجابي بين مختلف المدارس لنيل الجوائز التشجيعية المترتبة على التفوق في جميع المراحل والسنوات الدراسية .
v الحدائق المدرسية والرياضة : من المتفق عليه أن العملية التربوية بالغة التعقيد لما يدخل ضمنها من المكونات الأساسية والتحفيزية ، ولعل من أهمها الوسط المدرسي والنشاط الرياضي وقد عمل المفتش على إحياء هذين الجانبين اللذين لا غنى عنهما من أجل صحة الطفل وتقدمه العقلي والمعرفي ونموه حيث إن " العقل السليم في الجسم السليم"
ومن المفيد في الأخير القول إن من أهم أسباب تخلف الأمم عدم الاعتراف بالجميل وذكر خصال المخلصين والجادين في الخدمة والمتفانين في العمل سبيلا إلى الإصلاح والتقدم والازدهار، ولئن كان المثل السائر لا يرى الشكر على الواجب إلا أن المساواة بين من يعمل بجد واجتهاد ليخدم الإنسان والمجتمع والدولة وبين من يختار الكسل والراحة والدعة ليس من الإنصاف في شيء، من هنا فقد كتبت هذه العجالة إنصافا للمفتش ووضعا للحق في نصابه، فكما قد كنت شاهدا من قلب الحدث مع المفتش، فإن لمقاطعة المذرذرة علي أن أكون شاهدا من أهلها.


الأستاذ أحمد يحي ولد اباه ول شلا
مدير مدرسة تندغيدسات

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق