عدد متابعي الموقع الآن

السبت، 17 سبتمبر 2016

عزاء روح اكيدي

محمد ولد حمدو


رحم الله الراحل الكبير أحمدو سالم ولد الداهي.. من حسن حظي أني التقيت هذا الرجل النادر مرتين، الأولى في خريف عام ستة وتسعين في مدينة الركيز بفضل علم آخر من أعلام المنطقة وفرسان الكلمة فيها المغفور له محمد ولد باكا.كنت يومها في مهمة هناك والتقيته صدفة في أحد شوارع المدينة وأخذني من يدي تقريبا دون مقدمات واقتحم بي مجلسا كبيرا كان يتوسطه المرحوم أحمد سالم ولد الداهي.. وبعفوية قدمني محمد ولفت إلي أنظار الحاضرين.. تلقفني الرجل بحرارة اكيدية رزينة ووقورة، وأجلسني غير بعيد منه وغمرني باهتمامه، فحولني بذلك إلى ضيف شرف غمطه كثير من الحاضرين على ما لقيه من عناية لدى الرجل هو دون شك لا يستحقها.. اللقاء الثاني جاء بعد ذلك بنحو عشر سنوات في مدينة الركيز كذلك.. استمر اللقاء مدة أتاي مجرور.... عن سابق قصد وترصد فقد تعمد مضيفه أن يطيل الجلسة الرائقة والشائقة التي تشكلت حول ذلك الشاي ما وسعه ذلك.. فطال من العصر إلى قبيل الغروب.. كان دفق الحديث الهادئ الوقور يسرق منا أنفسنا دون أن نحس وكانت تعترينا تأثيرات خدر منساب في هدوء مع الكلمات والحكايا والقصص والنوادر التي أثثت تلك الأمسية التي لا يجود الزمن بمثيلاتها إلا مرات معدودة.. اكتشفت في تلك الأمسية العطرة الرجل بأبعاد غير تلك التي طار ذكره بها.. ارتسمت وتمددت أمام ناظري خريطة شخصية الرجل نحو مساحات جديدة
.
فكما سكن نفسه تعلق بمعالم ومرابع اكيدي وتخوم شمامة ولمليحة وضفاف اركيز ولعكل ولبيرات وغرها من الأماكن، كان مجلسه ذلك اليوم خليطا ناجحا من كل شيئ.. خيطه الناظم قيم وحضارة موسوعية تمقت التمظهر و"التنعات" وتتعبد في محراب الكياسة واللباقة و عدم قول كل شيئ.. حتى يبقى مالم يقل.. حضارة آفلة قل من يمثلها اليوم كما كان الراحل الكبير يمثلها.. رحم الله محمد ولد باكا الذي شاء الله أن يكون دليلي الأول في لقاء أحمدو سالم .. ونعم الدليل لاشك، ففكأنما أحس بحدس ثاقب أن عليه أن يجمعني بالرجل، فأخذني على جناح السرعة لمقابلته دون تأخير ، كمن علبه مهمة لابد أن ينجزها قبل فوات الأوان.. وفعلا فقد فاجأنا برحيلة المفاجئ بعد ذلك بفترة قصيرة.. رحم الله الراحلين الكبيرين وغفر لنا ولهما وحق لروح اكيدي الخالدة أن تبكي فقد قضى واحد من آخر فرسانها ممن يحق أن يسجل مع أعلامها الكبار الذين ظلوا يعيشون هذه الروح سلوكا وتمثلا وسمتا وابداعا.. سلام على هذه الروح وعلى العاضين عليها بالنواجذ في عالمنا اللاهث نحو البهرج والخداع على حساب الجوهر والصدق


رحم الله فارس الكلمة الذي ظل فارا بها من درك الابتذال والامتهان واللاستغلال، زاهدا في الشهرة العابرة والزائفة الكاذبة مفضلا أن يبقى كما كان دائما أحمدو سالم ولد الداهي لا يسبقها لقب ولاصفة. مما استشرى توزيعه مجانا وبيعا في مشهدنا الثقافي والاعلامي هذه الأيام.

هناك تعليق واحد:

  1. يبحث عنها الكثير نقدم افضل العروض والاسعار والمبيدات الامنة للقضاء والابادة التامة للحشرات المنزلية ابادة النمل الابيض
    شركة مكافحة حشرات بالجبيل مكافحة جميع الحشرات بافضل الطرق واحدث المواد وافضل الاسعار شركة مكافحة حشرات
    شركة مكافحة حشرات بالاحساء
    شركة تسليك مجارى بالاحساء

    ردحذف