عدد متابعي الموقع الآن

الثلاثاء، 16 أبريل 2013

القضاء والنوازل في بلاد شنقيط : محنض باب بن اعبيد، ولمرابط بن متالي نموذجا

الأستاذ الطبيب المختار السالم ولد حرمة ولد العاقل

الحمد لله رب العالمين والصلاة  والسلام على سيدنا محمد الأمين وعلى آله وصحبه والتابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما  صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد.
وبعد فقد جرت الأعراف الجامعية بأن ينهي الطالب دراسته ببحث في موضوع معين ليقوم من خلاله في مادة البحث العلمي.
وبما أن هذا الموضوع ينبغي أن يكون نابعا من رغبة الطالب وحبه لبحث ذلك الموضوع، فقد اخترت لعنوان بحثي موضوعا من أهم المواضيع وأجملها وذلك لما له من صلة بالتاريخ الثقافي والأميري والفقه وأصوله واللغة العربية وعلومها، وإن كنت لست أهلا لمن يختار مثل هذا الموضوع وذلك لعدم توفر الكفاءة العلمية اللازمة لبحث مثله من المواضيع في مثلي.
ولكن هناك عوامل جعلتني أختاره من بين مواضيع أخرى أهمها:
1.        إعجابي الفائق بأولئك العلماء الأفذاذ والقضاة الأكفاء الذين لا تأخذهم في الحق لومة لائم ولم يذعنوا يوما لسلطان أمير ولا لنفوذ صاحب قوة مهما كان.
2.     إيماني بأنه من واجب كل واحد منا أن يساهم في كشف ذلك التراث الضخم والكبير، والذي قل أن توجد أسرة إلا ولديها بعض الفتاوي أو بعض النوازل تنم عن موضوع معين له صلة بالقضاء من قريب أو من بعيد، وهنا تقع المسؤولية  على الجميع ـ طلبة  علم ـ باحثين أساتذة  جامعيين ـ قضاة ـ مؤرخين ـ المؤسسات العلمية المهتمة بالبحث العلمي {على الموسع قدره وعلى المقتر قدره}[1].
3.        أنه إن ظلت المعوقات أمامنا دون أن تقتحم فسيظل هذا الموضوع مغطى
دائما لوعورة مسالكه.
4. إعجاب المجتمع بأولئك القضاة وعرفانه لهم بالجميل وخير مثال على ذلك قول المثل: "ما ينفع فيه ولد برو" وقول المثل الآخر: "أصل ماه قضاء محنض بابه".
5- رغبتنا في المساهمة المتواضع بمجهودنا في إثراء المكتبة التراثية وخاصة فيما يتعلق بموضوع القضاء وحب تقديم دارسة ولو متواضعة عن هؤلاء الفقهاء وفكرهم، وعدم نسيان إنتاجهم الغزير والذي يعد فخرا واعتزازا للأجيال اللاحقة.
6- الطابع العام الذي تتميز به فتاوى القضاء عن غيرها حيث تتسم بسعة علم أصحابها وقوة فهمهم وقدرتهم الفائق على استنباط الأحكام.
أما أشد الصعوبات التي واجهتني أثناء إعدادي هذا البحث فهي:
v       بعض الأسفار إلى بعض ولايات الوطن للقاء بعض أفراد الأسر التي تولت القضاء في هذه البلاد.
v     ولم يكن قلة المراجع والمصادر عقبة أمامي بل كثرتها وتفاقهما كانت عقبة حقيقية أمامي مما تطلب مني جهدا مضنيا في لم شتاتها وإرجاعها إلى أبوابها من الفقه وحتى في قراءتها مما تطلب مني البحث عن نسخ أخرى لبعض الفتاوى وذلك لعدم وضوح بعض الكلمات أو لسقوطها بل وحتى وصول التلف إلى بعض أجزائها
v       كون هذه المادة ما زالت خاما تحتاج إلى قدم راسخة في مجال البحث والاطلاع.
v     وسع الموضوع وصعوبة تحصيل الفتاوى وخاصة تلك الفتاوى المتعلقة بالقضاء لأن كل فتوى عند صاحبها ويخشى عليها الضياع ولا ملامة عليه في ذلك، لأنها تراث آبائه وأجداده، مما اضطرنا إلى الجلوس عند بعض الأفراد لنقل بعض الفتاوى.
v       قلة الخبرة في مجال الخط وقراءته وتدوين الوثائق والمحافظة عليها.
v       قضاء وقت كبير بين الكنانيش والفتاوي المختلفة لكشف بعض الأقضية وتمييزها عن الفتاوي.
v     قلة الخبرة في مجال، النوازل، وتأصيلها ونسبتها إلى أهلها ورد تلك النوازل إلى أبوابها من الفقه وفروعها، مما يتطلب من الباحث سعة اطلاع فائقة ومعلومات كثيرة في الفقه والأصول والأدب واللغة والتاريخ وحتى الجغرافيا.
ثم بعد كل ما مضى من ذكرنا لأهم العوامل التي دفعتنا لاختيار هذا الموضوع وبعض المعوقات التي تعترض الباحث عادة سنثير مجموعة من الاستشكالات أهمها ما ذا نعني بالقضاء وما هي أنواعه وما هي مقاصد الشريعة من القضاء؟ وكيف ارتبط القضاء بالمذهب المالكي في هذه البلاد؟ وكيف يمكن تأطير الموضوع تأطيرا عاما وجغرافيا لتنزيل هذا البحث في ذلك الإطار، وكيف يولى القضاة في هذه البلاد؟ وهل صحت أقضيتهم مع غياب سلطة مركزية  تنفذ أحكامهم وهل تم اعتبار الفقهاء لهم قضاة وهل تركوا لنا كتبا يمكن اعتمادها مراجع في القضاء عمليا؟ وهل ظل القضاة الموريتانيون مقلدين في القضاء غيرهم أم وجدت لديهم مظاهر تجديد في القضاء الموريتاني على أن نقوم بأهم الاستنتاجات من البحث ونسوغها على شكل توصيات إن شاء الله آملين من الله العلي القدير أن يوفقنا ويوفق جميع المسلمين.
وقد اتبعت في إنجاز هذا  البحث الخطة التالية:
v       إطار عام وجغرافي: يتحدث عما كانت عليه البلاد  من فوضوية وغياب للسلطة المركزية في تلك الفترة وأهم تسمياتها وحدودها.. 
v       الفصل الأول: وقد خصصته لعلاقة القضاء بالمذهب المالكي في هذه البلاد وكيف ساد المذهب المالكي في هذه الربوع وقد قسمته إلى ثلاثة مباحث:
v        الفصل الثاني: ويتناول هذا الفصل شخصية محنض بابه ولد اعبيد القضائية والعلمية بوصفه مدافعا عن المذهب المالكي، ونماذج من نوازل القضاء والإفتاء عنده، ويضم ثلاثة مباحث:
v       المبحث الأول: منحض بابه ولد أعبيد الفقيه
v       المبحث الثاني: مخالفة محنض بابه ولد أعبيبد لمعاصريه في نوازل فقهية  وقضائية رعيا للعرف.
v       المبحث الثالث: نماذج من أقضية محنض بابه

v       الفصل الثالث: وقد عنونته ب: محمذن فال بن متالي ومراعاة الخلاف وذلك من خلال قراءات متعددة في فتاوى وتحكيمات محمذن فال بن متالي وقد قسمته إلى ثلاثة مباحث:
v       المبحث الأول: محمذن فال بن متالي الفقيه
v       المبحث الثاني: التحكيم عند ابن متالي وذلك من خلال نوازل معينة
المبحث الثالث: القضاة الموريتانيون بين المراجعات الفقيهة والاعتبارات القضائية.

v       الخاتمة: وقد خلصت فيها لأهم مواقف العلماء وأقوالهم في القضاء في هذه البلاد.



إن دراسة موضوع كهذا الموضوع والذي هو (القضاء عند الشناقطة وندرة خروجهم على المذهب المالكي فيه. أقضية محنض باب ولد أعبيد ومراجعات ولد متالي التندغي له كأمثلة) يجعل الطالب يتكلف الكثير من المشاق والصعاب لكي يناقش ويقدم هذا الموضوع بمختلف جوانبه دون أن يغفل منه جانبا لأنه من المواضيع التي تمس كل جوانب العلوم وتجعل الطالب يتيه كثيرا وينزلق مرات عدة لأن الموضوع شيق وجيد وسنحاول أن نعطي حسب وجهة نظرنا تأطيرا عاما كمدخل لهذا الموضوع على أن نشفعه بإطار جغرافي وتاريخي وذلك كله من أجل زيادة معلومات الباحث لأن هدفنا هو إعطاء أكبر كم يمكننا أن نصل إليه من المعلومات عن هذا الموضوع.
وإذا كانت الفكرة الشائعة هي أن العلم إنتاج حضاري مرتبط بالتقري والسكن في مكان واحد فإن الشناقطة خرقوا هذه القاعدة فأنتجوا حضارة أعجبت كل من لقي واحدا منهم سواء في المغرب أو المشرق العربيين وخير شاهد على ذلك محمد محمود ولد إتلاميد[2] ومحمد حبيب الله ولد ما يابا[3] والشيخ محمد الأمين ولد محمد المختار الشنقيطي[4].
عندما جاءوا إلى المشرق ظلوا أساتذة جامعيين ومفتين ومشائخ مدرسين.
ولا بد من معرفة حدود وتسمية هذه البلاد التي نود أن ندرس القضاء فيها أو على الأقل نماذج من القضاء فيها فمثلا الشق الأخير من موضوعنا وهو جملة (أقضية محنض باب ولد أعبيد الديماني ومراجعات محمد فال بن متالي التندغي له كأمثلة) يخصص إلى حد ما هذا الموضوع بمنقطة "القبلة" أو "اترارزة" عند التقسيم الجغرافي الحديث ولكن نحن ندرس القضاء في بلاد شنقيط من خلال نماذج من الآثار الفقهية لهذين العالمين الجليلين، لأن هذه البلاد يحكمها دين واحد ويسود فيها مذهب فقهي واحد ووضعية سياسية وعلمية واحدة إلى حد ما.
ولا بد قبل أن ندخل الحديث عن القضاء أن نعطي الحدود الجغرافية لهذه البلاد فموريتانيا اليوم ليست هي موريتانيا أمس. 
فهناك أسماء كثيرة أطلقت على هذه البلاد التي تعرف الآن بالجمهورية الإسلامية الموريتانية. ذلك أن كل واحد من هذه الأسماء له دلالة تاريخية خاصة، إما أن يعبر عن حقبة زمنية تاريخية متميزة  أو زعامة من الزعامات التي سادت البلاد فترة ما، أو وصف جامع مانع ذي دلالة سياسية واجتماعية  وفقهية.
وقد تتداخل وتتقاطع هذه التسميات، وقد تختلف اختلافا يسيرا إلا أنها تجمع على أن حدود البلاد جنوبا نهر صنهاجة "نهر السينغال" وشمالا الساقية الحمراء وهي داخلة فيها وشرقا "أزواد" وهو داخل فيها وغربا بحر بني الزناقية "المحيط الأطلسي" وبالرغم من أنه كانت هناك دول تحكم بعض مناطق هذه البلاد مثل مملكة غانا التي حكمت بعض مناطق البلاد كأوكار والحوض قبل نهاية القرن الثالث عشر الميلادي وكانت تدعى مملكة أوكار وعاصمتها الأولى أودغست ومملكة مالي التي بسطت نفوذها على مناطق كثيرة من البلاد حتى القرن السادس عشر الميلادي وبالرغم من ذلك فإن التسميات التي اشتهرت بها هذه البلاد عند المؤلفين والرحالين هي: "صحراء الملثمين"، "بلاد التكرور"، "بلاد صنهاجة"، "بلاد شنقيط" "بلاد لمغافرة" "الأرض السائبة" "المنكب البرزخي" "بلاد على فترة من الأحكام" "البلاد المغربية الصحراوية البيضانية" "تراب البيظان" ولاحقا "موريتانيا[5]" وخاصة بعد الاستقلال.
تعددت الأسماء والمسمى يكاد يكون واحدا وإنما اختلفت التسميات باختلاف المرحلة الزمنية التاريخية وبحسب المنظور الذي ينظر إلى المسمى منه فتسميتها صحراء الملثمين وجيهة لان سكان البلاد خلال القرون الإسلامية الأولى صنهاجيون من قبائل لمتونه وكدالة ومسوفة[6]  وكان شعارهم اللثام وقد مدحهم به الشاعر أبو محمد بن حامد الكاتب[7] إذ قال:
قوم لهم شرف العلا من حمير
لما حووا إدراك كل فضيلة


وإذا انتموا صنهاجة فهم هم
غلب الحياء عليهم فتلثموا

أما تسميتها ببلاد التكرور فإن كلمة التكرور كانت تطلق على مدينة  تقع على ضفة نهر السينغال وكانت عاصمة دولة إسلامية في السودان الغربي تحالفت مع المرابطين في الصحراء في عهد يحي بن عمر[8] سنة 448هـ، وقد أطلق هذه التسمية على البلاد صاحب فتح الشكور[9].
وذكرها أحماه الله بن محمد الملقب أنباله[10] في كتابه[11]، واعتمدها بعد ذلك باب ولد الشيخ سيديا[12].
وأما تسميتها ببلاد شنيقط فهو اسم اشتق لها من اسم مدينة شنقيط التي أنشأت سنة ستين وستمائة هجرية وكانت عاصمة العلم ومنطلق الحجيج آنذاك وكان علماء البلاد إذا خرجوا عنها يعرفون أنفسهم بشنقيط لأنها أقرب المراكز الحضارية المعروفة آنذاك وأشهرها بالبلاد وعرفت البلاد بهذا الاسم في العهود الأخيرة أي ابتداء من القرن الثاني عشر الهجري وعرف أصحابها في بلاد المشرق بالشناقطة وقد أطلق هذا الاسم على البلاد كثير من المتأخرين والمعاصرين من المؤلفين مثل سيد عبد الله بن الحاج إبراهيم العلوي[13] وأحمد بن الأمين[14] والمختار بن حامد[15] وأحمد ولد الحسن[16] والخليل النحوي ومحمد المختار ولد اباه و يحي ولد البراء وغيرهم.
أما تسميتها ببلاد المغافرة وهي مجموعة قبلية من بني حسان وفدت إلى بلاد شنقيط من القرن السابع إلى التاسع الهجري لأن هؤلاء سيطروا على هذه البلاد وشكلوا فيها إمارات ومشيخات قبلية في القبلة وآدرار والحوض دامت بعض هذه الإمارات حتى الاحتلال الأجنبي واندثر بعضها قبله.
وأما تسميتها بتراب البيظان أو البلاد المغربية الصحراوية والبيضانية فهي أسماء أطلقت قديما وحديثا أطلقها صاحب كتاب الروض المعطار وأطلقه الكتاب والرحالة الفرنسيون في عهد الاحتلال تمييزا لها عن أرض السودان المحاذية للنهر جنوبا كما سماها باب ولد الشيخ سيديا البلاد المغربية الصحراوية  البيضانية  وهي تسمية تحاول الجمع والمنع فهي مغربية لأنها تشكل جزء من المغرب الإسلامي وتمييزا لها عن حوض البحر المتوسط وبيضانية تمييزا لها عن بلاد البرابرة في الشمال والسودان في الجنوب والجنوب الشرقي وكثيرا ما أطلق على هذه البلاد بلاد المغرب والمغرب الأقصى قال الشيخ سيد محمد ولد الشيخ سيديا[17]:
ألفيتم الدين بقطر المغرب


طارت به في الجو عنقا مغرب

وقال ابن اغشممت المجلسي[18]:
هذا وقد شاع بأقصى المغرب


هجر الوضوء لا لخوف العطب

وأما تسميتها بالأرض السائبة أو المنكب البرزخي أو بلاد على فترة من الأحكام وهي ألفاظ متقاربة المعنى تأدي معنى واحدا بتعبير مختلف لأن هذه التسمية تنطبق على مرحلة زمنية تميزت فيها هذه البلاد بغياب سلطة مركزية وهي الفترة التي أعقبت نهاية دولة المرابطين وامتدت حتى تكوين الدولة الحديثة – الاستقلال 1960م- باستثناء بعض الفترات الخاطفة ولعل هذه التسميات ذات دلالة فقهية أطلقها الفقهاء كالشيخ محمد المامي[19]. وسيد عبد الله بن الحاج إبراهيم وباب ولد الشيخ سيديا وغيرهم على هذه البلاد تعبيرا عن شعورهم بفراغ سياسي كبير يترتب عليه تعطل في كثير من فقه الأحكام السلطانية بسبب غياب الإمام أو السلطان[20]، وقد يكون ذلك سبب تعلق بعضهم بسلطان المغرب وإعلان البيعة له لإحساسهم بشغور هذا المنصب في بلادهم واعتقادهم بضرورة نصب الإمام الذي هو جزء من الدين[21]، ذلك أن الفقه الإسلامي يلزم الأمة بعقد البيعة لإمام يقيم العدل ويقوم بأمر الله ويجاهد في سبيل الله.
فهذا عبد الله بن ياسين[22] شيخ المرابطين ومعلمهم الأول يقول للمصامدة[23] بعد أن سألهم عن ربهم ونبيهم عليه الصلاة والسلام فأجابوا بأن ربهم الله وأن نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم "قال مالكم بدلتم وغيرتم هلا قدمتم عليكم إماما يحكم بينكم بشريعة الإسلام وسنة النبي صلى الله عليه وسلم بمعنى أن شعيرة قامة الإمامة الكبرى حاضرة في ذهن معلم المرابطين قبل أي شعيرة أخرى كالصلاة والزكاة والحج...إلخ".
وكانت حركة ناصر الدين[24]،  محاولة لأقامة سلطة مركزية في البلاد أو  جزء منها على الأقل[25] وقد عبر عن هذا الإحساس كثيرون منهم الشيخ محمد المامي إذ يقول: "في توليته
وقلتم لا جهاد بلا إمام


نبايعه فهلا تنصبونا

وباب أحمد بن محمد امبارك اللمتوني[26] الذي  يبكي على الدولة الصنهاجية:
ولم تنتبه من بعد لمتون دولة


ولم يك في بنيانها بعد ظل

ولعل هذه التسميات التي تشير إلى نوع من الفوضى في النظام السياسي لصيقة بموضوع القضاء في بلاد شنقيط.
إذ القضاء إحدى الولايات العامة التي تفتقر إلى وجود ولاية عظمى تعين القضاة وتحدد اختصاصاتهم وتتولى تنفيذ أحكامهم بالقوة إذا اقتضى الأمر ذلك ففي غياب السلطلة المركزية لا يمكن لهذه الأحكام أن تنفذ بالجبر لفقد السلطة الكفيلة بتنفيذها.
وسترى عند نقاشنا للأحكام الصادرة عن هذه السلطة القضائية. كيف كانوا يحكمون في ظل هذه الفوضى السياسية ومدى ما لأحكامهم من قوة الشيء المقضي به. كما أنه لا بد هنا أن نتساهل في تحديد السلطة المركزية فنعتبر أن الإمارة أو جماعة القبيلة أو القبائل المجتمعة المتحالفة تقوم مقام السلطان في تدبير شؤون الدين والدنيا ومن ذلك نصب القضاة ووضع المواثيق التي تنظم الأفراد المشمولين في هذه الدائرة.
ولن نكون بدعا في ذلك إذ هو رأي فقهاء البلاد يدفعهم إلى ذلك عاملان.
أحدهما: ما ذكره ابن هلال[27]. في الدر النثير[28]، في باب الغصب من أن جماعة العدول تنوب في البلاد السائبة عن السلطان وحيث يتعذر الإنهاء إلى السلطان أي تقوم مقامه في كل حكم حتى في الحدود والقصاص وكذا إن كان فيه سلطان غير عدل أو يضيع الحدود.
والثاني: ضرورة ملء الفراغ السياسي الناجم عن عدم سلطة مركزية لها الأمر والنهي وفي نوازل العلوي سيد عبد الله بن الفاغ سيد أحمد أن تقليد القضاة يكون بنصب الإمام أو جماعة المسلمين في بلد لا سلطان فيه أو يتعذر الوصول إليه ولهذا كانت كل قبيلة تعين قاضيا أو أكثر لحل خلافاتها وخصوماتها والدفاع عن حقوقها هذا عن موريتانيا الأمس جغرافيا وسياسيا وعن تسمياتها في تلك الفترات الماضية.
أما موريتانيا اليوم فتكاد تدل دلالة مطابقة على مورتيانيا التي يتحدث عنها التاريخ مع اختلاف بينهما في بعض أجزاء البلاد التي كانت من الناحية السياسية والثقافية جزءا من موريتانيا أو من صحراء الملثمين إلا أنها في النظام الدولي الحالي جزء من دول أخرى وذلك مثل أزواد وتمبكتو والصحراء الغربية. وموريتانيا اليوم محصورة بين دائرتي عرض 14.43 و 27.20 شمالا وبين خطي طول 4.40 و17.04 غربا بمساحة قدرها 1030700كلم وحدودها الطبيعية والسياسية مضبوطة في كتب الجغرافيا هذا ما حاولنا التأطير به لهذا البحث من الناحية الجغرافية.
وسنتحدث في الفصل القادم عن علاقة القضاء بالمذهب المالكي في هذه البلاد ممهدين لذلك بتعريف القضاء وشروط القاضي. 




لا بد لأي شخص يتولى أي عمل مهما كان هذا العمل جليلا أو حقيرا من صفات تحدد مدى قدرته على القيام بتلك المهمة المنوطة به وإذا كان القضاء هو فصل القول بالحق بين الناس في دمائهم وأموالهم بحكم الله فما هو تعريف القضاء وما هي شروط القاضي وكيف يولى وسنقسم هذا المبحث إلى ثلاثة مطالب:


القضاء لغة يطلق على عدة معان منها الأمر كقوله تعالى: {وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه...ْ}[29] أي أمر ربك. ومنها التقدير كقوله تعالى: {وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلون علوا كبيرا}[30] أي قدرنا ومنها الاقتطاع والتمام كما في قولك: "قضى فلان دينه" أي قطع مَالِ غرِيمه عليه بالأداء، ومنه قوله تعالى [إذا قضى أمرا][31] أي أحكمه وأنفذه، ومنه {فإذا قضيتم مناسككم}[32]أي أتممتموها وتأتي كلمة القضاء بمعنى إحكام الشيء والفراغ منه ومنه قوله تعالى {فقضاهن سبع سموات في يومين} [33] وتأتي بمعنى المضي ومنه قوله تعالى{ثم اقضوا إلي ولا تنظرون}[34] أي أنه في اللغة يدور بين الحكم وأصله القطع والفصل وقضاء الشيء إحكامه وإمضاءه والفراغ منه والقضاء الأمر والحتم، والقضاء الموت قال تعالى: {فوكزه موسى فقضى عليه}[35] أي بالموت فالقضاء ومشتقاته ترد في اللغة على وجوه عدة مرجعها جميعا إلى تمام الشيء وانقضائه ومنه القضاء الفصل في الحكم[36].


والقضاء اصطلاحا نظام فض النزاعات والفصل بين المتخاصمين وهو ارتقاء بالنظام الجزائي عن أساليب الانتقام المباشر و ما دام الظلم من شيم النفوس والاستئثار طبيعة بشرية أصيلة في طبيعة الإنسان[37] فإن الحاجة إلى الإنصاف وردع الظالم وأداء الحقوق إلى مستحقيها والضرب على أيد البغاة العابثين تكاد تكون فطرية فالاجتماع إذا حصل للبشر... وتم عمران العالم بهم فلا بد من وازع يدفع بعضهم عن بعض لما في طباعهم الحيوانية من العدوان والظلم[38] وبناء على ذلك يمكن أن نفترض أن شكلا ما من أشكال التقاضي ظهر في فترة مبكرة من تاريخ الاجتماع البشري كما يمكن الجزم بأن القضاء مر خلال تاريخه الطويل بمراحل نمو وتطور عدة وظهرت منه أنماط وأشكال متعددة ومختلفة باختلاف الأمم، ومتنوعة بتنوع الظروف والمراحل الحضارية التي تمر بها الأمة ونحن هنا نورد أهم تعريفات الفقهاء انطلاقا من مراد الشرع من القاضي. والقضاء في الشريعة  الإسلامية يعرف بأنه: فصل الخصومات والنزاعات بين الاثنين فأكثر بحكم الله تعالى وهنا نورد تعاريف مختلف المذاهب الفقهية له: فقد عرفته الشافعية بأنه الإلزام ممن له ولاية الإلزام بحكم الشرع وفي الوقائع الخاصة فخرجت الشهادة والفتوى[39]، وعرفه الأحناف بأنه قول ملزم يصدر عن ولاية عامة[40]، وعرفه ابن رشد بأنه الإخبار بحكم الشرع على طريق الإلزام[41] فقولهم على  طريق الإلزام لإخراج الفتوى التي هي الإخبار بالحكم الشرعي لا على وجه الإلزام وذلك عند من يرى أن القضاء إخبار وأما من يرى كالقرافي بأنه إنشاء فلا يحتاج إلى إضافة عبارة على وجه الإلزام.
وبين الفتوى والقضاء موارد اختلاف واتفاق محلها كتب الفقه المطولات لأنه يضيق الوقت ويقصر الباع هنا عن ذكرها فتنظر في محالها عند كلام العلماء على الفتوى والقضاء في تلك الكتب وعرفه القرافي بأنه إنشاء إلزام أو إطلاق[42]. وعرفه ابن طلحة الأندلسي بقوله القضاء معناه الدخول بين الخالق والخلق إذ يؤدي فيهم أوامره بواسطة الكتاب والسنة.[43]
وقد يكون ابن عرفة أكثر دقة إذ عرفه بأنه صفة حكمية توجب لموصفها نفوذ حكمه الشرعي ولو  بتعديل  أو تجريح لا في عموم مصالح المسلمين[44] فيخرج التحكيم والولاية الكبرى. على أن أننا في هذا البحث لا يمكننا الاعتماد على هذا التعريف الذي يخرج التحكيم لأنه لا مناص من أن نتناول التحكيم والمحكمين وأحكامهم في هذا البحث لندرة الحالات التي يتم فيها نصب القاضي  بتولية من قبل إمام له الولاية العامة أو جماعة الحل والعقد التي هي جماعة تقوم مقام الإمام عند فقده بالشروط المطلوبة من الناحية الشرعية التي يذكرها الفقهاء[45].
وأما الحكم فهو ما يقضي به القاضي أو الحاكم فالحكم والقضاء في الاصطلاح بمعنى واحد فحكم القاضي قضاء وقضاؤه حكم قال تعالى:  {فاحكم بينهم بما أنزل الله}[46] وقال: {ولوطا آتيناه حكما وعلما}[47].
وأما المحكم أو الحكم فهو القاضي إذا عينه المتخاصمون وحكمه لازم نافذ بينهما لكنه غير مولى من السلطان ولا نائبه وهو موضوع سنعود إليه عند ذكر نصب القضاة ولمن تعود مهمة نصبهم وصيغة التولية الشرعية وهل تقوم جماعة القبيلة (الحل والعقد) محل الإمام الأعظم في نصب القضاة وتدبير أمور المسلمين وتتلخص التعريفات السابقة في أن القضاء فصل الخصومات بحكم من حاكم أو محكم لأمر ثبت عنده.


أما شروط القاضي فإليك أهم ما يذكره الفقهاء في كتبهم عن شروطه. فقد أدت خطورة القضاء وجسامة المهام المنوطة به في الإسلام إلى البحث في المؤهلات العلمية والخصال النفسية والقدرات الجسمية التي يلزم أن يتحلى بها القاضي فاشترط الفقهاء  في الذي يتولى القضاء شروطا عديدة أهمها ما يلي:
1)     أن يكون بالغا عاقلا: فالصبي قبل البلوغ لا تجوز توليته القضاء ولا يصح قضاؤه إن ولي والمعتوه ومختل العقل مهما كان سبب الاختلال ونوعه لا تجوز توليتهما ولا تنفذ لهما أحكام بل يجب أن يكون القاضي راجح العقل فطينا بعيدا من البله والتغفيل قادرا بذكائه على تبين سبل الحق وكشف حيل أهل الباطل.
2)       أن يكون حرا مسلما فلا تجوز تولية غير المسلم القضاء بين المسلمين ولا تصح إذا ولي خطأ ولا تنفذ أحكامه إلا ضرورة.
3)     أن يكون فقيها عالما بالأحكام الشرعية فإن وجد مجتهد مبرز في معرفة القرآن والسنة وأقوال العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم بصير بطرق القياس مؤهل لاستنباط الأحكام من مصادر التشريع فهو الأجدر باتفاق العلماء، ومع أنهم اتفقوا على أن الفقيه غير المجتهد يتولى القضاء بصورة شرعية إذا لم يوجد مجتهد[48].فأنهم اختلفوا في جواز تولية المقلد في حال وجود المجتهد، كما اختلفوا في جواز توليته في حال وجود مقلد آخر أمثل منه.
4)     أن يكون عدلا لم يرتكب كبيرة ويتجافى عن الصغائر ويجتنب ما يخل بمروءة أمثاله فالتقى والنزاهة والعفة يجب أن يتحلى بها القاضي ولا تجوز تولية الفاسق ولا تصح ولا تنفذ أحكامه ولو جاءت سليمة على المشهور.
5)     أن يكون ذكرا فأغلب الفقهاء يمنعون تولية المرأة القضاء ويبطلون قضاءها وخاصة في الحدود والقصاص وأجاز العلامة ابن جرير الطبري وداوود الظاهري قضاء المرأة مطلقا وأجاز بعض الفقهاء قضاءها في المسائل المالية وذهب معظم علماء المذهب الحنفي إلى أن الإقدام على توليتها القضاء غير جائز ولكن يصح قضاؤها وتنفذ أحكامها إذا وليت[49].
6)       أن يكون متمتعا بالقدرة على السمع والإبصار والكلام فلا تجوز تولية الأعمى والأصم والأبكم لأن هذه العاهات تحول في الغالب دون أداء مهامه وفي المسألة خلاف وآراء فقهية متعددة.
ويستحسن عموما كون القاضي سليم الأعضاء خاليا من الإعاقة الجسمية ويسعى الفقهاء من وراء هذه الشروط الكثيرة إلى التأكيد على أن من يتولى القضاء بين المسلمين يجب أن يكون متصفا بالكفاءة الجسمية والنفسية[50] متحليا بالعلم والعقل والورع وأهمية العلم بالأحكام في هذا السبيل لم تمنع ابن حبيب تلميذ الإمام مالك من جعل العقل والورع قبله في قوله: "لا بد أن يكون القاضي عالما عاقلا فإن لم يكن علم وعقل فعقل وورع لأنه بالورع يعف وبالعقل يسأل وهو إذا طلب العلم وجده وإذا طلب العقل إذا لم يكن فيه لم يجده" [51].
 وأحكام القضاء وآدابه مفصلة في كتب الفقه والمجال هنا لا يتسع للحديث عنها ومن الواضح أنما تقدم عن وجود نظام قضاء إسلامي عام يستند إلى أسس عامة مشتركة لم يحل دون وجود تنوع في طرق تولية القضاة ووظائف القضاء ورتبه وأساليب العمل فيه. فسمح ذلك بظهور صور من القضاء توجد بينها بعض الفروق تعود إلى اختلاف الأزمنة والأمكنة والظروف التاريخية ومن هنا يستمد البحث عن صورة القضاء في موريتانيا مشروعيته.


هذا المبحث سنتعرف من خلاله على الفئة الاجتماعية التي يخول لها القضاء انطلاقا من التقسيم الفئوي للمجتمع الموريتاني القديم ومن رضاء الغالبية من المجتمع لذلك كما هو معروف عند المؤرخين وبعد ذلك سنتعرف على أنواع متعددة  تولية القضاة وكيف يتم نصبهم في هذا المجتمع وكل ذلك انطلاقا من قراءة في حقل فتاوى متعددة  موجودة عندنا. وسنقسمه إلى ثلاثة مطالب:


لقد أشار أحمد الأمين العلوي في كتابه الوسيط في تراجم أدباء شنقيط[52] لما تكلم على فئة الزوايا بوصفهم فئة من فئات النظام الاجتماعي الموريتاني قال بنص الحرف والمعروف عند أهل شنقيط جميعا أن الزوايا هم الذين يتلون القضاء في بلاد شنقيط وإليك عبارته بالتمام "ولما افترقت سكان شنقيط إلى الأنواع الثلاثة المعروفة وهي الزوايا - اللحمة – حسان، صار لفظ الزوايا علما على قبائل كثيرة أغلب سيرها في تعلم العلم وتعليمه وتعمير الأرض بحفر الآبار وتسيير القوافل وقرى الضيف وبقيت هي الطائفة التي، هي عامرة الأرضة مستمرة على ذلك وربما وقع حرب بين بعض قبائلهم" ويثني عليهم في مكان آخر فيقول ما نصه: "يحمد من أمرهم عدم شهادة الزور والتحرج من مال الغير رغم أن هذا لا يخلوا من استثناء وخاصة في معاملتهم لمستغرق الذمة وأن أهل الجاه منهم لا يأخذون على جاههم ثمنا وأن التعليم والإمامة يكونان مجانا عندهم وكذا القضاء في أغلب الحالات مجانا عند هذه الفئة إلا في حالات نادرة قليلة  جدا لا تكاد تذكر[53].
أما القرآن فلا يرون في أخذ الأجرة عليه بأسا وربما تعلق الحي منهم بأحد العلماء الأجانب عنه وشارطه سنة أو سنتين بشيء معلوم على أن يعلمه ففعل لكن من كان مع العالم في بلد واحد لا يأخذ منه أجرة ومن رحل إليه لا يأخذ منه أيضا (شيئا)[54]، وربما التزم هذا العالم نفقة الغريب وكسوته وتعليمه أيضا وهذا الذي ذكرت إنما هو الأكثر.
وها هو باب ولد الشيخ سيديا[55] يشير إلى ما تولد عن تلك الوضعية التي كانت بها البلاد أيام الإمارات والمشيخات القبلية من تخصص وظيفي وازدواجية في السلطة على مستوى الأورستقراطيتين الحسانية والزاوية فيقول،  "والعرب وإن كانت لهم المملكة والشوكة فللزوايا المناصب الشرعة كالإمامة العظمى التي اتفقت عليها العرب والزوايا قبل "شرببه" لناصر الدين وكإمام الصلاة والقضاء وتعليم العلم والشهادة  والتبرك واللجإ عند الشدائد في الحياة والممات"، وإذا كانت الأيديولوجية الزاوية تنظر لهذا المسلك وتعتبر "أن من حمل السلاح فقد ترك الصلاح" فإن بعض سراة الزوايا قد استنكر هجرهم السلاح واعتبره بدعة  لا وجه لها من الشرع  كسيدي محمد ولد الشيخ سيديا[56].
وقد لخص المختار ولد حامد[57] بنبرة زاوية لا غبار عليها تحتاج إلى أن يراعى فيها قانون النسبية دور تلك الفئة الوظفي بقوله: "...وأما الزوايا فهم في الحقيقة فخر البلاد وعمارتها ونورها علما وصلاحا ودنيا وثروة فيهم أهل المدارس العامرة والتآليف المفيدة والمشائخ أهل حلق الذكر والدين القويم والأموال الطائلة أهل إنباط الآبار وتفجير العيون وحرث الحبوب وغرس الأشجار وأهل التجارة وهم السفراء بين القبائل ومصلحوا الثأي وأهل القضاء والفتوى والمحافظة على الدين والمروءة...[58]".
هذا عن الفئة التي تتولى القضاء في هذه البلاد سابقا أما كيفية تولية القضاة فإليك ما كتبه العلماء عن تلك التولية.


من النادر جدا أن يتولى القضاة في موريتانيا القضاء من طرف الإمارة أو الجماعة وإنما الغالب في القاضي أن يتولى القضاء بالرفع  المتكرر من طرف الخصوم فقد ذكر صاحب الوسيط أن الأمراء كانوا يعينون قضاة إلا أن هؤلاء القضاة لا يذهب إليهم غالبا إلا في المسائل المستعصية جدا يقول في كتابه الوسيط: "وقد يولي أحد أمراء بني حسان قاضيا ويكون ملازما له ولكن الأغلب أن هذا لا يذهب إليه إلا في المسائل ذات الشأن كما إذا وقع قتل لينفذ"[59] الحكم ونرى سيدي ولد محمد لحبيب يولي بكي ولد سيدي ولد حرمه خطة القضاء فيروي لنا بكي نفسه خبر هذه التولية في إحدى رسائله حيث يقول[60] لا شك أن عقد مثل سيدي ولد محمد لحبيب القضاء معتبر لأنه متغلب والمتغلب تثبت به الإمامة قال البناني (إعلم بأن الإمامة تثبت بأحد أمور ثلاثة إما بيعة أهل الحل والعقد وإما بعهد الإمام الذي قبله وإما بتغلبه على الناس وحينئذ لا يشترط فيه شرط لأن من اشتدت وطأته وجبت طاعته وقال المواق قال ابن يونس ما نصه قال أبو محمد كل من ولي أمور المسلمين عن رضى أو غلبة فاشتدت وطأته من بر أو فاجر فلا يخرج عليه جار أو عدل ويغزى معه العدو ويحج معه البيت وتدفع له الصدقة وتدفع له الصدقة وتصلى خلفه الجماعة  وكان عبد الله بن عمر يدفع زكاة ماله إلى كل من غلب على المدينة وقد صلى خلف الحجاج وقال ابن فرحون في تبصرته ما نصه قال المازري في شرح التلقين، القضاء ينعقد بأحد وجهين أحد هما عقد أمير المؤمنين أو أحد أمرائه الذين جعل لهم العقد في مثل هذا والثاني عقد ذوي الرأي وأهل العلم والمعرفة والعدالة لرجل منهم كملت فيه شروط القضاء وقوله عقد أمير المؤمنين، فظاهره ولو بغاة، وهو كذلك لقول خليل في الباغية "ومضى حكم قاضيه"[61] والقاضي المولى من طرف الإمارة تكون خاصة به كاختصاص كل قبيلة بقاضيها ولا يكون عاما بتوليتها إلا إذا ولته القبائل الأخرى ولذلك نرى صاحب عيون الإصابة[62] في مناقب محنض باب يعدد القبائل التي ولته القضاء ويجعل إمارة اترارزه "أولاد أحمد بندمان" كأحدى هذه القبائل إذ يقول في معرض حديثه عن محنض باب ولد اعبيد "إليه انتهت رئاسة القضاء نصبه لذلك أهل الحل والعقد من الزوايا: الحاجيين والديمانيين وغيرهم من بني أحمد بندمان مع أن من تكرر رفع النوازل إليه من غير نكير ولا طاعن في ذلك  وكان أهلا للقضاء يكون قاضيا بذلك[63].
وقد يتولى القاضي القضاء بالوراثة ولا يعني هذا أنه يتولى القضاء من لا تتوفر فيه الشروط من الجهال  فالعلم يكاد يكون وراثيا في هذه البلاد فالوالد العالم يجتهد في أن لا يفارق ابنه حتى يعلمه كلما ما تعلمه من العلوم بل يجتهد في أن يفوقه علما فيرسله للتعلم في أرجاء البلاد ويوافر له جميع ما يمكنه من متابعة  الدرس والاغتراف من معين العلم.
والوراثية القضائية في هذه البلاد قد تكونه في أسرة واحدة  وقد تكون في قبيلة فأكثر أحوالها إذا كانت في المدينة أن تكون في قبيلة معينة يكون نصيب هذه القبيلة في تقسيم المناصب المدنية أو القروية هو القضاء وهذه القبيلة المدنية قد تكون هذه الوظيفة مشاعة فيها وقد تكون من خاصة أسرة معينة فالأول كقبيلة أديلبة بالنعمة ولمحاجيب في ولاته فإن الإمامة "أي إمامة الصلاة والقضاء من وظائف هاتين القبيلتين فمنهم القضاة والأئمة ولا يتولى القضاء والإمامة غيرهما والوظيفة متداولة في القبيلة غير مخصوصة بأسرة معينة.
والثاني: كقبيلة الأغلال[64] في شنقيط فالقضاء في هذه المدينة بعد بن الأعمش تداولته أسرة أهل حبت[65] وأهل البشير[66] واستقر آخر الأمر في أسرة أهل حامني[67] وبقي فيها إلى أن تقاعد عن القضاء منه ولد حامني لبضعفه سنة 1983م.
وكقبيلة إسماسيد التي تولت القضاء والإمامة منها أسرة أهل برو في مدينة أطار فكان منهم الأئمة والقضاة في المدينة  ومنهم القاضي سيدين ولد برو الذي اشتهر عند المثل المتداول "مَا ينفع فيه ولد برو"[68] لاشتهاره بالقدرة على حل النوازل والمهارة في مسائل العقار.
وأما البوادي فأكثر حال هذه الوراثة فيها أن تكون مقصورة على أسرة معينة كأسرة أهل محمد موسى الذين يروى عن يحظيه ولد عبد الودود أنه قال غن جدهم الأمين ابن الفاغ موسى هو أول من تولى القضاء بهذه الدخلة  أي القبلة. وقد صرح القاضي محمذن باب ولد عبد الله في مذكرة تخرجه بالمعهد العالي للدراسات والبحوث الإسلامية أنه رأى وثيقة بخط يحظيه ولد عبد الودود[69] فيها بالنص أما بعد فكون آل المختار بن الفاغ موسى قضاة هذا الإقليم المسمى بالقبلة أي أرض تشمشمة والمغافرة وغيرهم من اترارزه مشهور بلغ مبلغ التواتر فيشهد به الغائب وخصوصا المعم المخول منهم علامة زمانه ومحرر أوانه وفائق أقرانه محمد موسى[70]، ويروى عنه كثير من الجرأة على الحكم بالحق حتى أنه كان يحكى عن أحد قضاتهم أنه هدده بعض الظلمة أنه إذا حكم عليه فإنه سيقتله فقال لهم أمسكوه عني حتى أحرر هذا الحكم ثم ليفعل بعد ذلك ما شاء[71] وكأسرة أهل اعبيد في أولاد ديمان إذ بدأ توارثها للقضاء من عهد محنض بابه وحتى اليوم ولله الحمد فما زال القضاء في بعض أحفاد هذه الأسرة وأذكر في العصر القديم محنض بابه  وابنه محمذن وحفيده حامد الذين كانوا بمثابة قضاة القضاة في منطقة اترارزه. وكأسرة أهل العاقل الديمانيين الأبهميين التي توارثت القضاء كابرا عن كابر من عهد أحمد بن العاقلي القرن الثاني عشر إلى الآن. 
والأمر نفسه بالنسبة لأسرة أهل محمد سالم المجلسيين التي تولت القضاء في إينشيري فصار وراثيا بعد ذلك فيها، وتقول الروايات التاريخية إن جد هذه الأسرة إبراهيم الأموي كان أول من تولى  القضاء في هذه البلاد وأنه كان قاضي الإمام الفاتح أبي بكر بن عمر وكأسرة أهل عبد الحي اركيبي الذين كان منهم القضاة في قبيلة اركيبات إلى غير ذلك. 
وفي الأخير نلفت الانتباه إلى أنه قد  يولي أحد الأمراء قاضيا في أحدى المرافعات إليه في مسألة معينة كما فعل الأمير التروزي أعمر[72] ولد المختار 1245هـ حين ولى النابغة الغلاوي[73] القضاء في مسألة نزاع حول أرض الشاطئ بين أهل بارك الله وأهل بوحبيني.


وفي هذا المبحث سنحاول أن نعرف بالمذهب المالكي وطريقة دخوله إلى موريتانيا ثم نطرح عدة استشكالات ونثيرها وذلك على النحو التالي:
ما هو المذهب المالكي؟ وكيف دخل هذه البلاد؟ وهل وجدت هناك مذاهب أخرى غيره؟ وكيف ساد هذا المذهب؟ وهل خرج عليه الشناقطة في أقضيتهم وفتاواهم؟ وما هي علاقة الفتوى والقضاء بهذا المذهب؟ وسنقسمه إلى ثلاثة مطالب:


المذهب لغة الطريق ومكان الذهاب ثم صار عند الفقهاء حقيقة عرفية فيما ذهب إليه إمام من الأئمة من الأحكام الاجتهادية ويطلق عند المتأخرين من أئمة المذاهب عاما لما به الفتوى. 
أما صاحب هذا المذهب فهو مالك بن أنس ابن مالك ابن أبي عامر ينتهي نسبه إلى ذي أصبح اليمني وجده عامر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولد بالمدينة سنة 93 هـ وطلب العلم من علماء المدينة فلازم عبد الرحمن  بن هرمز[74]. وأخذ عن نافع مولى ابن عمر[75] وابن شهاب الزهري[76].
وأما شيخه في الفقه فهو ربيعة بن عبد الرحمن المعروف بربيعة الرأي. 
كان مالك محدثا كبيرا ودار معظم حديثه على ما رواه الحجازيون وكان مفتيا روى عنه ابن القاسم[77] مسائل المدونة.  وله كتاب الموطأ وهو أصح كتاب عند المالكية بعد كتاب الله عز وجل وتوفي رحمه الله سنة 179هـ ويقوم المذهب المالكي على أصول معروفة أعدها القرافي أحد عشره: وهي القرآن والسنة وتشمل في رأيه أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم وفتاوى الصحابة وأقضيتهم، وعمل أهل المدينة، والإجماع، وإجماع أهل المدينة، والقياس وقول الصحابي، والمصلحة المرسلة، والعرف، والعادة، وسد الذرائع، والاستحسان، والاستصحاب[78] ويرجع تكون هذا المذهب إلى أراء وفتاوي الإمام مالك وتلامذته من بعده وهو يعتمد على كتاب موطأ مالك في الحديث وقد بوبه على أبواب الفقه وقد جمع فيه ما قوي عنده من حديث أهل الحجاز وأضاف إليه أقوال الصحابة وفتاوى التابعين وطريقة مالك رحمه الله في هذا الكتاب هي أنه يذكر عمل أهل المدينة المجمع عليه ثم يذكر رأي من التقى بهم من التابعين وأهل الفقه ورأي المشهورين بالمدينة فإن لم يكن شيء من ذلك في المسألة التي بين يديه اجتهد رأيه وإن لم يجد مالك نصا ولا إجماعا استعان بالقياس والاستحسان والمصلحة وقد توسع مالك وتلامذته في ذلك حتى اعتبرهم بعض العلماء من فقهاء الرأي وقد انتشر هذا المذهب في الحجاز والمغرب والأندلس وإفريقيا السودانية.  وأمهات المذهب من الكتب أهمها ما يلي[79]
المدونة  والموازية  والعتبية  والواضحة والمستخرجة ومختصر ابن الحاجب إضافة إلى موطأ مالك.  ثم ألحق بها مختصر خليل بن اسحاق المالكي عندنا نحن المغاربة وسنعرض لتاريخ دخول بعض هذه الأمهات إلى البلاد.


إن المذهب الفقهي في بلد ما وثيق الصلة بالفتاوى والأحكام التي تصدر في ذلك البلد وهذا أمر طبيعي ما دامت الفتاوى والأحكام إنما تصدر متمذهبة بالمذهب السائد في البلاد لذلك آثرنا أن نعرج بإيجاز على تاريخ التمذهب في البلاد ومتى وكيف دخل المذهب المالكي إلى ربوع هذه البلاد[80].
لم تعرف هذه البلاد فيما بعد قيام دولة المرابطين باستثناء حالات  شاذة مذهبا غير مذهب مالك وهي الحقبة التي بدأ الكتاب والمؤرخون يتحدثون فيها عن هذه البلاد بشكل واضح. 
أما فيما قبل ذلك فقد انتشرت مذاهب أخرى بعضها عقدي والآخر فقهي كالخارجية والرافضة والشيعة  الموسوية  والبجليين والبورغواطيين.
فقد ساد مذهب الأوزاعي[81]، فترة من الزمن كما كان لمذهب أبي حنيفة والشافعي بعض الأتباع في المغرب الأوسط والأقصى إلا أنه تشح النصوص التاريخية في إعطاء لمحة ولو وجيزة عن المعطيات الثقافية في الصحراء "موريتانيا" في تلك العهود التي هي عهود اتسمت بكثير من الغموض أثناء وبعد قيام دولة الأدارسة في المغرب.
 ومعلوم أن المذهب المالكي انتشر في المغرب العربي على يد مولاي إدريس الأكبر الذي أقام أصول مذهب مالك وأسند القضاء إلى عامر بن محمد بن سعيد القسي تلميذ مالك، وسفيان الثوري وأسس مدينة فاس عاصمة  العلم ولعل الشريف إدريس الأكبر كان يرد الجميل بذلك إلى مالك بن أنس لمناصرته للشريف محمد النفس الزكية  ضد الخليفة العباسي وما لقي في ذلك السبيل من العنت ومعلوم كذلك أن مذهب مالك كان قد انتشر في القيروان وإفريقية على يد الإمام التنوخي سحنون بن سعيد وأسد بن الفرات وفي الأندلس على يد عبد الرحمن الداخلي مؤسس الدولة الأموية في الأندلس وابنه هشام الذي ألزم كافة أهل العدوة الشمالية بمذهب مالك بإيعاز من يحي بن يحي الليثي أحد رواة الموطأ وأصحاب مالك وكان قاضي القضاة في عهد الأمويين إلا أن الصحراء قد لا تكون ذات حظ كبير من العلم في تلك العهود بل ربما كانت تلك المرحلة  بلا مذهب معين لانعدام السلطة المركزية فيها خاصة بعد دولة الأدارسة وفتور التواصل العلمي الثقافي.
وقد جاء عبد الله بن ياسين و"أهل الصحراء موريتانيا حاليا" بغير مذهب بدليل المحاورة التي جرت بين يحي بن إبراهيم الكدالي وأبي عمران الفاسي[82] حين مر عليه قادما من الحج في طريقه إلى الصحراء فسأله الفقيه أبو عمران ما مذهبكم فقال يحي ما لنا علم من العلوم ولا مذهب من المذاهب لأننا في الصحراء منقطعين لا يصل إلينا إلا بعض التجار الجهال هدفهم البيع والشراء ولا علم عندهم.
ويمكن أن نعتبر أن قيام دولة المرابطين في الصحراء على يد المرشد عبد الله بن ياسين الجزولي والأمير يحي بن إبراهيم الكدالي بداية الدخول الواعي للمذهب إلى موريتانيا، ذلك أنه من المعلوم أن عبد الله بن ياسين تلميذ لوجاج[83] بن زلو اللمطي السوسي ووجاج تلميذ لأبي عمران الفاسي وهذا الأخير شيخ المالكية في القيروان.
وتعزز رسوخ المذهب المالكي بالصحراء بعد ذلك لقدوم أبي بكر بن عمر[84] إلى الصحراء مصطحبا معه الإمام أبابكر الحضرمي المرادي وإبراهيم الأموي وعبد الله الركاز جد تركز وعبد الله جد الزينبيين وغيرهم[85] من علماء المالكية قضاة ومرشدين في الصحراء خلفا للمرشد الكبير عبد الله بن ياسين الذي استشهد في الجهاد. 
ومن المعلوم كذلك أن الإمام الحضرمي المرادي الذي كان قاضيا لأبي بكر بن عمر اللمتوني كان قد رحل إلى الأندلس وأخذ عن علمائها وأخذ عنه بعض العلماء من أشياخ القاضي عياض البستي اليحصبي ولم يزل المذهب المالكي يتعزز في الصحراء بسبب بعض الهجرات القادمة من المغرب وربما من الأندلس بعد سقوط هذه الأخيرة والتماس هؤلاء  المهاجرين متنفسا في الصحراء بعيدا عن القلاقل والفتن والمطاردات وهؤلاء المهاجرون في الأغلب أفراد في الأصل ولكن بعد استيطانهم واختلاطهم بالسكان الأصليين يثمرون بطونا وقبائل.
من هؤلاء المهاجرين سيد يحي والد سيد محمد الكنتي وجد الشيخ سيد أحمد البكاي ووصل إلى ودان الحاج يعقوب والحاج عثمان وعبد الرحمن الصائم مؤسسوا مدينة ودان سنة 536[86]هـ، وجاء الشريف عبد المومن بن صالح ومعه الحاج عثمان مؤسس مدينة  ودان إلى هذه البلاد فأسسا مدينة تيشيت سنة  536هـ فأقاما بها إلى أن توفيا ودفنا بمسجدها وكانا قد قرءا على القاضي عياض البستي صاحب المدارك في أغمات وريكة  وفي القرن الثامن الهجري نزح أفراد من تارودانت جنوب المغرب إلى الصحراء فكونوا  حلفا يسمى بتشمش وتعاهدوا على التمسك بالكتاب والسنة والصبر ومفارقة الظلمة، ووصل إلى ولاتة يحي الكامل جد لمحاجيب وانتشر العلم والفقه على يديه وهناك موجات بشرية جماعية نزحت إلى البلاد مثل هجرة قبائل بني حسان ذات الشوكة والبأس وهذه الهجرات وإن لم يكن أصحابها أهل علم وثقافة إلا أنهم حملوا معهم اللغة الحسانية "عربية محرفة يسيرة" فعمموها على البلاد والعباد فكانت فتحا جديدا للإسلام والثقافة العربية.
وكل هذه الهجرات جعلت المذهب المالكي يترسخ في البلاد ويتعزز وتوطدت  صلات  علماء البلاد بعلماء الإسلام بالغرب ومصر والحجاز وغير ذلك عن طريق الرحلات التي قام بها العلماء الموريتانيون لأداء فريضة الحج وطلب العلم أوهما معا فعادوا ومعهم مكتبات ضخمة من كتب المذهب كخليل وشروحه وحواشيه وشراح المدونة والعتبية، وهنا لا بد أن نشير إلى أن دخول رسالة بن أبي زيد القيرواني كان قبل دخول المختصر إلى هذه البلاد وذلك لعدة عوامل نذكر منها مثلا سهولة  عبارتها وقربها  من عبارات السلف ثم صغر حجمها مقارنة مع حجم خليل وصعوبة عبارته وقد انتشر تدريسها في المنقطة الوسطى والشرقية من البلاد.
فالموريتانيون إذا مالكيون قاسميون خليليون كما يؤثر عن التنبكتي[87].
أو عن الشمس اللقاني أنه قال: "نحن خليليون إن ضل ضللنا بمعنى شدة تمسكهم وتعلقهم بمختصر خليل بن إسحاق[88] وقد كان أول من أدخله إلى البلاد هو مولاي أحمد الذهبي وأول من أدخل شرحا له إلى البلاد سيدي أحمد الفزاري وقد اهتم الموريتانيون بمختصر خليل فأخذوه بأسانيد مختلفة عن طريق الأجهوري واللقاني والسنهوري والحطاب ووضعوا عليه شروحا وهوامش وتعليقات كثيرة.


وبعد أن أجبنا على الأسئلة المتعلقة بما هو المذهب المالكي وكيفية وصوله إلى هذه الربوع يحضرنا السؤال التالي وهو ما هي علاقة هذا المذهب بالقضاء والفتوى في هذه البلاد؟ وبعد الانتهاء من تعريف المذهب وأمهاته وطريقة وصوله وسيادته في هذه الربوع لا يسعنا إلا أن نعطي فقرة وجيزة  عن علاقة القضاء والفتوى بالمذهب المالكي في هذا الإقليم لأن كل نازلة  صدرت من هذا الإقليم تصدر وعليها طابع أهله الفكري والثقافي والديني بمعنى أن الأحكام والفتاوى  تصدر متمذهبة بمذهب علمائها الذين تصدر عنهم.
وما به الفتوى هو  القول الذي تكون  به الفتوى من أقوال المذهب لأن  منها ما هو مشهور أو مرجح وهو  الذي يفتى به ومنها ما هو شاذ أو مرجوح لا يفتى به ولا يقضى به يقول العدوي عند قول خليل في مختصره "مبينا لما به الفتوى" وما به الفتوى هو المشهور أو الراجح، ثم هذا ظاهر إن كان هناك راجح فقط أو مشهور فقط فلو لم يوجد الأمران أوكان بينهما تناف فيقدم المشهور كما في مسألة الدلك، وكما لا تجوز الفتوى بغير المشهور والراجح لا يجوز الحكم والعمل به[89].
ويقول الزرقاني فائدة قال الحطاب لا تجوز الفتوى وللحكم بغير المشهور ولا بغير الراجح وذكر عن المازري أنه بلغ رتبة الاجتهاد وما أفتى بغير المشهور وهذا يوهم جواز العمل بغير المشهور والراجح مع أن العمل به لا يجوز وإن لم يفت غيره فلا حكم له كما يفيده قول التتائي "قال ابن عرفة في الزكاة" العمل بالراجح واجب لا راجح فيفيد أن العمل بمقابله حرام ولم في غير فتوى أو حكم[90] ويقول الهلالي صاحب نور البصر "ما به الفتوى هو ما ليس بشاذ ولا ضعيف من أقوال أهل المذهب فيصدق بالمتفق عليه والمشهور والراجح والمساوي[91]"، والفتوى اسم مصدر بمعنى الإفتاء وهو الإخبار بحكم الشرعي لا على وجه الإلزام وزادوا قولهم – لا على وجه الإلزام- للفرق بين الفتوى والقضاء عند من يرى أن القضاء إخبار بحكم الشرعي على وجه الإلزام لأنه لم يدخل في الجنس.  وتطلق الفتوى أيضا على الحكم الذي وقع الإفتاء به فيقال فتوى مشهورة أو ضعيفة[92]. أي أن القضاء والفتوى لا يكونان إلا بالمعتمد وهو القول المعمول به في المذهب وسنناقش في مباحث قادمة مدى تمسك القضاة الموريتانيين والمفتين بالمذهب المالكي وضرورة خروجهم عليه في بعض الأحيان.يقول الهلالي[93] "الذي تجوز به الفتوى أربعة أشياء أحدها القول  المتفق عليه في المذهب ثانيها القول الراجح وهو ما قوي دليله ثم إذا كان المفتي أهلا للترجيح أفتى بما اقتضت العادة ترجيحه عنده وإلا قلد شيوخ المذهب في الترجيح فأفتى بما رجحه وثالثها المشهور وهو ما كثر قائله كما يناسب معناه لغة فالفرق بينه وبين الراجح مع أن كلا منهما له قوة على مقابله هو أن الراجح نشأت قوته من الدليل نفسه من غير نظر للقائل والمشهور نشأت قوته من القائل فإن اجتمع في قول سبب الرجحان والشهرة ازداد قوة وإلا كفى أحدهما فإن تعارضا بأن كان في المسألة قولان أحدهما راجح والآخر مشهور فمقتضى نصوص الفقهاء والأصوليين أن العمل بالراجح واجب كما مر معنا سابقا. 
وقيل المشهور ما قوي دليله[94] فيكو ن مرادفا للراجح ولا يعتبر صاحب هذا القول كثرة القائلين كما لا يعتبر في تعارض البينتين كثرة شهود إحداهما ويحتمل أن يكون أطلق الدليل على ما يشمل كثرة القائلين فيكون أعم من الراجح بإطلاق وقيل المشهور قول ابن القاسم في المدونة[95] وقول مالك في المدونة  مرجح على قول ابن القاسم وقول ابن القاسم مرجح على قول غيره فيها وقول غيره فيها مقدم على قوله أي ابن القاسم في غيرها.
وهنا نشير إلى أن فقهاء المالكية قرروا أنه لما كان الترجيح نظرا في الاستدلال وذلك قسم من أقسام الاجتهاد فالنقل عنهدم اليوم أصبح مقصورا على المشهور لفقدان المرجح

الفصل الثاني: محنض بابه ولد أعبيد مدافعا عن المذهب المالكي.


سنخصص هذا المبحث للحديث عن شخصية محنض باب وفكره وفقهه وقضائه ومدى ارتباط ذلك الفقه والقضاء بالمذهب المالكي وهل وجد منه خروج على المذهب أو على المشهور على الأقل وسنقسم هذا المبحث إلى مطالب ثلاثة:

وهذه الترجمة سنختصر فيها على ما يرتبط بموضوعنا بجانبيه الفقهي والقضائي حسب ما جاء عنه في الوسيط وحياة موريتانيا وإن كنا قد اعتمدنا على ما أخذا منه وهو عيون الإصابة في مناقب محنض باب قال صاحب الوسيط "محنض باب ولد أعبيدي الديماني علامة شنقيط وهو عقدها الوسيط البدر المنير والعلامة النحرير سيف الله القاطع وغيثه الهامع شمر عن ساعد جده وأدرك العلوم بفهمه وكده هو مدرة عصره وعلم مصره أبرزه الله لأهل أقليمه بدرا منيرا وللصادين عذبا نميرا ما ضاعت أوقاته ولا خابت عفاته وكان عند حسان حرما آمانا وحصنا حصينا ساكنا وإليه مرجع العلماء إذا اختلفوا وما ظنك بن من كان يصلح لابن بون وهو من هو وكان لا تأخذه في الله لومة لائم أما المختار[96] ابن حامد فقد قال عنه: هو محنض باب بن اعبيد تسمية له باسم خاله محنض باب ولد المختار ولد المحجوب إذ أن أم محنض باب هي تانيت بنت المختار ولد المحجوب ولد الطالب أجود وكانت ظاهرة الصلاح مشتهرة بالبركات والمكاشفات ولد رحمه الله في ذي الحجة سنة 1185هـ إليه انتهت الرئاسة في القضاء نصبه لذلك أهل الحل والعقد من الزوايا والحاحيين والديمانيين وغيرهم من بني أحمد بن دمان كان رحمه الله لا يميل مع الأهواء في فصل القضاء كما وكان رحمه الله كهفا لأهل السنة يذب عنهم، يناضل الأمراء والاشراف مجدا ودءوبا في إحياء السنة وإخماد البدعة بعيدا عن الشبهات والتصناعات كما كان رحمه الله يتمتع بشخصية علمية ونفسية فذة وذلك لمستواه الفكري العالي ورباطة جأشه وقوة شخصيته وخير شاهد على ذلك ما يلي:
1.     – آثاره العلمية ومن أهمها كتابه الميسر[97] في الفقه وأنظام في شتى مسائل الفقه ونظم في قواعد الفقه اختصر به المنهج للزقاق وله في أصول الفقه نظم سماه سلم االوصول إلى علم الأصول وتحقيقات كثيرة في اللغة نحوا وصرفا وشعرا[98].
2.     – تلك المعارك التي خاضها مع مجموعة من العلماء الأفذاذ والتي كشف فيها حقيقة عن قوة مدركه في الفقه وسعة اطلاعه في العلم ووسع خياله التصوري في القضايا الشرعية وشدة تمكنه من ناصية اللغة العربية وذلك ما مكنه من إعطاء أدلة صامدة أمام معارضه في تلك القضايا وسترى ذلك لا حقا إن شاء الله تعالى.
كان رحمه الله لا يخضع لذي سلطان أو جاه ولا يحكم إلا بالمشهور في جميع الأمور وربما مال إلى الشاذ لمصلحة في ذلك أو لعرف وافقه كما هو المنصوص في شأن المجتهدين العارفين بالمدارك لأنه من أصحاب الوجوه وهم أعلى مراتب الاجتهاد بل كان من أرفعهم درجة في حسن الاستخراج والانتزاع وأبعدهم من الميل عن الحق والابتداع فهو من المبرزين في المذهب المرتفعين عن درجة التقليد إلى رتبة الاجتهاد والترجيح فقد اجتمعت فيه شروط مجتهد المذهب[99]، من كونه عالما بالفقه وأصوله وأدلة الأحكام تفصيلا، بصيرا بمسالك الأقيسة والمعاني تام الارتباط في الترجيح والاستنباط بإلحاق ما ليس منصوصا عيله بأصوله بل اجتمع فيه أكثر شروط المجتهد المطلق[100]، أو جميعها والصحيح عدم خلو الزمان من مجتهد مطلق أو مقيد كما قال أهل الأصول محتجين بالحديث المعروف[101]. الذي يؤكد  أن الأمة ستظل بها طائفة قائمة على الحق، وإليك أهم النوازل التي أعطانا فيها محنض باب رأيه انطلاقا من المشهور عند المالكية.

1.        – قوله في قضاة هذه البلاد:
إذا كانت هذه البلاد عرفت القضاء بأنواعه الثلاثة وهي قضاء، الإمارة وقضاء القبيلة وقضاء التحكيم كغيرها من البلدان الإسلامية فإنها كفيت خطته مع واقعها الاجتماعي والسياسي وتكشف مصادرنا التاريخية المحلية ولا سيما ذات الطابع التشريعي وخصوصا الفتاوى عن مدى تغلغل الضوابط الشرعية في مختلف مجالات الحياة الاجتماعية الموريتانية وسلمية السلطة القضائية فيه واضطلاع جماعة الحل والعقد فيه بدور السلطان الغائب أحيانا ويعتبر الانتشار الواسع لظاهرة الاستفتاء في المنطقة وهيمنة الخطاب الفقهي على غيره من الخطابات في هذا المجتمع بحيث لا يكاد يخلو تجمع قبلي من فقيه يستفتيه أهله في إشكالاتهم ويحتكمون إليه في نزاعاتهم حتى قال محمذن ولد محنض بابه[102]. "أنه لا يخلوا أكثر قبائل الزوايا[103] من محاكم إليه أقل ما يحصل من الرفع إليه الإخبار بالحكم وتكدير الحرام[104]"، ويبدو من مصادرنا المحلية أن البلاد قد عرفت ثلاثة أنواع من القضاء عند تحديد مهام هؤلاء القضاة وترتيبهم ترتيبا وظيفيا نرى أن قضاة الإمارة وقضاة القبائل يمثلون ركيزة القضاء الأمير في هذه البلاد ويعتبر مصطلح قاض القضاة في المشرق مرادفا لمصطلح قاض الإمارة الذي يمثل أعلى سلطة تشريعية في الإمارة محليا مما جعله يعرف كذلك بقاض الإمارة كما مر معنا في الفصل الأول ويتم نصب هؤلاء القضاة من طرف جماعة الحل والعقد أو على مستوى الإمارة أو باطراد رفع النوازل إليهم كما نصت على ذلك المصادر الفقهية[105]، يقول محنض بابه ولد اعبيد في فتوى بهذا الشأن: "أن من تواطأ أهل بلده على تحكميهم في نوازلهم يكون ذلك كنصبه للقضاء وعزى للحطاب قوله إن تولية القضاء تكون بعقد أهل العلم والعدالة والرأي الكامل، لكامل الشروط إن لم تمكنهم مطالعة الإمام في ذلك[106]. ولم يكن محنض باب وحده الذي تبنى هذا الرأي الفقهي بل كان معه الشيخ سيد محمد[107] ولد الشيخ سيد المختار الكنتي، حيث قال بوجوب قيام جماعة الحل والعقد بنصب القضاة في حال غياب الأمير أو نائبه[108]، وسيظهر لنا محنض باب في سياق سجالي آخر حين يقول في معرض حديثه أثناء رده على محمد لول اليعقوبي[109]، الناقد لحكمه في النازلة التندغية على إركاكنه في القسامة حين أكد على وجوب طاعة الأمير المتغلب محمد لحبيب[110].
فقال: "وعلى تقدير أن من حكم في هذا الأمر لم يكن قاضيا فلا أقل من أن يكون محكما فيمضي حكمه إن كان صوابا، فقد رضي بتحكميه الخصمان والأمير المتغلب الذي جعل الفريقان الأمر بيده اختيارا أو قهرا والقهر على ما اقتضاه الشرع يلزم"، قال تعالى: {فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله...}[111].
وقد ذكر العلماء أنه تجب طاعة المتغلب وإن فقد شروط الإمامة ولهذا من قويت شوكته وجبت طاعته لما في الخروج عليه حينئذ من تفريق الجماعة وسفك الدماء[112].
ولهذه الفتاوى دلالتها فيما يتعلق بدور السلطة الزمنية في نصب القضاة وهنا نلاحظ أن محنض باب الذي مارس القضاء بأنواعه المختلفة يرى في هذه الفتوى التي بين أيدينا أن حكمه لا ينقض إلا بحكم قاض أعلى منه في المرتبة وذلك غير موجود.
2- مسألة شهادة العبد
لقد شغلت علاقة العبيد مع اتباعهم كغيرها من القضايا فكر الفقيه الموريتاني ولا شك أن القضية لها جانب فقهي اجتماعي اقتصادي وإليك نص جواب محنض بابه عن سؤال يستفتى من خلاله عن شهادة العبد فيما تعذر فيه غيره كمعرفة الحيوان فيقول: "الجواب والله الموفق أن شهادة العبد لا تقبل ولكن يقبل خبره فيما يقبل فيه خبر الواحد لكون ذلك من باب الخبر وكما قبل قول حامل الهدية وغيره المستأذن إن كان صبيا أو كافرا أو عبدا فقال مالك وقد ذكر أن الراعي: المشترك بين قوم يصدق في تعيين أولاد الغنم إذ لا يعلم ذلك إلا من جهته[113]".
ولا شك أنه في الجانب القضائي تبقى أمور أخرى مطروحة دائما تتعلق بهذه الفئة التي هي فئة الأتباع أو الموالي أو العبيد والآن بجانب تصرفات العبد المأذون فيقول ولد السعد كثرت الفتاوى المتعلقة بهذه المسألة وتبعاته المادية مما يوحي باطرادها كممارسة اجتماعية تولدت عنها نوازل فقهية بشأن حدود تصرفه المادي وحقوق سيده فيما بيده ومسئولية كل من السيد والعبد المدنية اتجاه الغرماء ولا شك أن محنض بابه هنا يجيب جوابا يستشف منه فقه القضاء وإليك جوابه في فتوى يتيمة[114]."الحمد لله وبعد فإن العبد المأذون له في التجارة أي (البيع والشراء) ليس لسيده من ماله إلا ما فضل عن قضاء دينه والعبد يكون مأذونا بمجرد سكوت سيده عنه وهو يراه يبيع ويشتري كما في نص المدونة وغيرها".
وقد أشفع محنض باب هذه الفتوى بملاحظة ذات دلالة بالغة الأهمية فيما يتعلق بأهلية العبد القانونية في ما من مال في ذمته ولا كلام ليسده في ذلك فقال: "وإذا رفع ولزمه يمين حلف عليه بما شهدت عليه به بينته لزمه ولا يرد ذلك سيده[115]".
ولهذا فالشارع لا يقر شهادة العبد ما دام محجورا عليه لفقده بعض الشروط اللازمة في الشهادة[116].
3- موقف محنض بابه من معاملة متسغرقي الذمة
وإليك موقف محنض بابه من مستغرقي الذمة من بني حسان ونحوهم والذي يكاد يكون موقفا خاصا به حسب قراءة متمحصة في حقل فتاوى متعددة إذ يقول في فتوى من فتاويه مبيحا معاملتهم وجواز أكل طعامهم والموقف هنا يجسد وجهة نظر فقهية مسستأنسا فيها محنض بابه بآراء المواق والمازري وابن رشد وابن أبي زيد القيرواني والبرزلي وبهذا الخصوص فمذهب إلى جواز معاملتهم وأخذ هديتهم وأكل طعامهم فقال: "المشهور جواز معاملة مستغرق الذمة وأكل طعامه لأن الحرام قد ترتب في ذمته[117]"، وسنرى لاحقا موقفه القضائي
4- موقف محنض باب من النصارى في عهد بني حسان
وجاء في فتاويه الكبرى فيما يتعلق بالنصارى وبني حسان عند ما سئل: "ما حكم النصارى إذا صالحهم بنو حسان وسالموا المسلمين هل ذلك الصلح معتبر شرعا فيكونون معاهدين أم لا وإليك جوابه قال محنض بابه: "جوابه والله الموفق أنهم معاهدون لأن المتغلب تعتبر أحكامه وتلزم فإن الإمامة تثبت لمن تغلب وإن لم يستوف شروطها وتجب طاعته فقد نقل المواق عن ابن العربي في شرحه لحديث الطاعةِ المعروفِ[118]. يعني في تملكه، لا من يستحقه قال والطاعة واجبة في الجميع وعن النووي في قوله صلى الله عليه وسلم:(اسمع وأطع وإن كان عبدا حبشيا...)[119] أنه تصور إمام العبد إذا ولاه بعض الأئمة أو تغلب على البلاد بشوكته وأتباعه فيسمع له ويطاع ومنها هل يكونون ناقضين بأكل علك بعض الزوايا أم لا؟ فقال محنض بابه ردا على هذا السؤال جواله والله أعلم: "أنهم عدوا ما ينقض به العهد ولم يذكروا منه أكل مال المسلم، وذكر ابن بشر قولين فيما إذا خرجوا متلصصين محاربين قال والمشهورأنه لا يكون كالمحاربين من المسلمين" انتهى.
وهذا هو الذي في الكافي واختصر عليه خليل فإذا لم يكن أخذه المال بالتلصص نقضا فكذلك بغيره أو أحرى والله أعلم.
وهذا الموقف هنا في اعتباره لمعاهدة بني حسان للنصارى هو نفسه موقفه المتقدم في اعتباره لهم أمراء في علاقتهم بالقضاة واعتباره لهم يمثلون السلطة التنفيذية في تلك الفترة ولو مع بعض التحفظ وسنعرف الكثير إن شاء الله عن هذه العلاقة التي تكون بين القاضي والسلطة الحاكمة عندما نصل إلى قضائه.

هذا وبعد أن رأينا نماذج من فتاويه تبعا للمشهور آن لنا أن نتعرف على نماذج من ميله عن المشهور وإليك نماذج نثبت منها ما يلي:
1- قوله بلحوق النسب بشاهد واحد نقلا عن حياة موريتانيا للمختار بن حامدن وعيون الإصابة في مناقب محنض بابه قالا:"يروى عن البراء بن بكي[120] أنه قال أخبرني محمد لوليد ولد عبد الله ولد المعلوم أنه وقع عقد من سفيه محجور عليه من أبيه على امرأة منهم ولم يقم عليه إلا شاهد واحد وحصل منه دخول فحصل الحمل وفسخ الأب النكاح ووقعت مرافعة بين أبي الزوج وأهل المرأة على محنض بابه ولد أعبيد فحكم باللحوق ومحمد لوليد من فرقة أبي الزوج فلم يزل يبحث عن حكم اللحوق بشهادة شاهد واحد حتى وقف في المدونة على أن الشاهد الواحد على العقد لا يلحق به الولد فجعل المرجع في ذلك الموضع من المدونة وأخذ صاحبا وركبا جملين وطافا في علماء إيكيدي[121] وهم حاملان المدونة لينظرا هل يوجد ما يخالف هذا القول أو ما هو أقوى منه أو يساويه فلم يجداه فذكر لهما محنض بابه ولد اعبيد وهو غائب في بعض زوايا القبلة فتوجها إليه فلما أتوه وجدوه نائما ضحى فلم يلبث أن استيقظ فسلما عليه وسألهما عن الخبر مع أن الكتاب في يد محمد لوليد وفيه المرجع فنظر إليه محنض بابه فقال الكتاب المدونة فقال محمد لوليد نعم فقال له المرجع في كتاب اللعان فقال نعم وسؤالك لم فأبا أن يجيبه فقال محمد لوليد ما تقول في هذا فقال لا أجيبك حتى نأتي أهلنا فتوجهوا إلى أهلهم فأتوهم ضحى ولم يلقه آخر ذلك اليوم فأتاه في اليوم الذي بعده ضحى "آخذا ابن سهل" فلما فتحه قال له مالك تلكم على هذه المسألة في أربعة مواضع من المدونة وقوله في كتاب اللعان قوله المرجوع عنه، فلما أراه ذلك من الكتاب قال له لم لم تقلي هذا من أول وهلة فقال للعين حظ[122].
فهذا الموقف القضائي الفقهي التجديدي عند محنض باب في هذه المسألة يكفي في الشهادة بسعة باعه في الفقه وإليك نماذج أخرى من التجديد في القضاء عند محنض باب وإن كان يمكن أن تصنف تحت باب الخروج عن المذهب أو على المشهور على الأقل فإذا كان الأصل في الشهود أنهم لا يحلفون لأنهم مؤتمنون نرى محنض بابه يقول بتحليفهم لما يقتضيه عرف زمانه ولتساهل الناس في الشهادة فكما يقول ميلود في عيون الإصابة فمن ميله إلى غير المشهور:
1- أنه كان يحلف الشهود لما رأى من التساهل في الشهادة.
2.        يرى أن العبد إذا قطع أذن حر يقتص منه ليعامل بنقيض قصده لأن قصده أن يخرج عن ملك سيده قال وبه أفتى الهشتوكي وفتواه تليق بهذا الزمان لكثرة ذلك فيه.
3.        كان يرى أن الضامن[123] يغرم ولو حضر المضمون موسرا تناله الأحكام رعيا للعرف ومثل هذا في فتاويه كثير
4.        ومثل الضامن المستعير وعلل ذلك بأن المستعير قد يرغب في امتلاك ما استعاره من مالكه.
5.     ويرى أن قول العاقد لا سابقة ولا لاحقة إنما تطلق به إذا وجدت السابقة أو اللاحقة لا المعقود عليها لأن قصدها أن لا تجتمع مع غيرها في عصمة ولأن اليمين أي التعليق لا بد له من لفظ ولا مانع لدى الفقهاء من الخروج على المذهب لحاجة معينة أو مصلحة أو لعرف اقتضى ذلك وقد أكد لي محمد فال بن عبد اللطيف أنه طلع على فتاوي متعددة لعلماء مختلفين[124] في هذه البلاد ينصون فيها على أن العمل بغير المشهور لعرف أو مصلحة يصير ذلك الشاذ مشهورا وقد قال محمذن ولد محنض بابه
وعمل الناس بغير المذهب
وشرعي الوجه التمس لما جرى
على خلاف ووفاق المذهب
معين أو راجح عنه أبى


لحاجة جوزه كل أبي
من عادة تقادمت بين الورى
إذ ارتباط عمل بمذهب
لزومه لنا الهداة النجبا[125]

ولم يكن الشناقطة بدعا في خروجهم على المذهب بل قفوا في ذلك أسلافهم المغاربة[126].

إذا كان محنض بابه قد خرج على المشهور في قضايا متعددة فإنه أيضا خالف معاصريه في قضايا مهمة نختار منها ثلاث قضايا وما مخالفته لمعاصريه إلا رعيا لعرف رجح عنده  أومصلحة معتبرة  وستعرف عند مراجعتك لهذه النماذج التي خالف فيها معاصريه أنه اعتمد على عرف أهل زمانه أكثر من أي شخص من علماء ذلك الوقت وسنقسم هذا المبحث إلى مطالبين:

هذه المسألة بالخصوص أثارت خلافا واسعا بين علماء ذلك العصر وقد كان النقاش حولها حادا بين محنض بابه، وباب[127] بن أحمد بيبه العلوي، من جهة وبين حرمه[128] ولد عبد الجليل وإدييجه الكمليلي، من جهة ثانية ولكن سنختصر على موقف محنض بابه فيها وسنأتي به مفصلا إن شاء الله وذلك تجنبا منا للطول الممل قال محنض بابه يخاطب إدييجه الكمليلي[129]:
إذا تأملت مكتوبي بإنصافي
هو المصيب لصوب الفهم عضده
رووه عن مالك نصا ووافقه
دع عنك دعوى تقاييد تقدمها
والأصل في القيد نفي والمفيد له
وإن تفهت في القاموس فانقرضوا
أما الدروج ففيه المعنيان كما


ألفيت فيه زلالا عذبه صاف
نقل الشيوخ بنص واضح شافي
نص الإمام بن عبد البر في الكاف
شيوخنا بدليل وجهه خاف
لم نلفه بعد بحث شامل واف
ماتوا وليس لنسل موتهم ناف
ذا في الصحاح بإيضاح له شاف[130]

وقال فيه أيضا:
مراجعنا في راجع الوقت قد غفل
رمى ما حكي المواق من قول مالك


وساق نصوصا لا تساعده همل
فأشوى محل القول فاستنوق الجمل

وتتطور هذا السجال بين هذه الجماعة وظل محنض باب على رأيه وحرمه على رأيه وتدخل مولود بن محمد الجواد اليعقوبي لصالح حرمه ضد رأي محنض بابه فرد محنض بابه على حرم ومولود معا بقوله[131].
كيف النزاع وجاء النص يا صاح
أن ليس يدخل في الأحباس إن رجعت
والأصل في الفظ إطلاق فنصحبه
وقد بحثنا عن التقييد مبحثه
 

كيفعن الإمام بإطلاق وإيضاح
بنوا البنات وذا إطلاقه ضاح
حتى يبين تقييد بإفصاح
فلم نجده وذا يكفيك ياصاح|

وقال محنض بابه[132]:
وضح الحق يا لبيب فسلم
ليس من أخطأ الصواب بمخط
حسنات الرجوع تذهب عنه
إن المخطأ المسيء من إذا ما


إن تسليم الحق فيه سلامه
إن يؤب لا ولا عليه ملامه
سيئات الخطأ وتنف الملامه
وضح الحق لج يحمي كلامه

ومرد هذا السجال كله إلى كلمة انقرضوا أو درجوا التي يذكرها الفقهاء في باب الحبس واختلف هذا الجيل في المراد بها لغويا.
وانتهى هذا السجال بقصيدتين إحداهما من إنتاج محنض بابه يمدح بها حرمه ويذكر فيها فضل العلويين ويستعطفه فيها ويؤكد أن الكلام النابي في هذه المساجلات دافعه ليس الحظ النفساني ولا الغرض الشخصي وإنما دافعه إظهار الحق ومنها[133]:
نجائب إن ندت أو بدى مشكل
فلسنا بحمد الله نجحد فضهلم
فجدهم أستاذ تاشمش كلهم


من العلم شلتها فتتركها صرعا
وجاحد ضاح الحق يصرعه صرعا
قد ارتضعوا من علمه الخلف والضرعا

ويرد حرمه على محنض باب في نفس الموضوع بقصيدة طويلة ولكن سنختصر على بيتين منها في آخر المساجلات وهما:
ما في الجدال من التكذيب مغتفر
طود المودة منا لا يزعزعه


شأن المجادل تكذيب وتأنيب
من عاصف القول تأنيب وتكذيب

وتعكس هذه الأبيات ما كان عليه جيل الأمس من التواضع وعرفان بعضهم بجميل بعض والاعتراف له بالتفوق في الفقه والأدب وقد كتب محنض باب ولد اعبيد وجهة نظره حول مسألة راجع الوقف في بحث مستقل عثرت عليه في مكتبة خالي محمذن[134] ولد محمد فال ولكنه طويل وسنختصر على مختصره الذي كتبه له ضمن أجوبته الكبرى وهذا نصه بالتمام والكمال، "الحمد لله وما توفيقي إلا بالله والصلاة والسلام على محمد وآله وأصحابه وبعد فإن الحبس على جهة إذا انقطعت ورجع يكون لأقرب فقراء عصبة المحبس فإذا مات من رجع إليه ابتداء ودواما، لأن ترتيب الأقارب كترتيب الولاء فيراعى الأقعد أبدا لأن الملك للواقف فلا يأخذه إلا من حي هو أقرب إليه ولذا قال خليل رحمه الله في توضيحه:« ثم عصبته الأقرب فالأقرب» وقال بهرام: «وإذا انقطع الأقرب من عصبة المحبس فعلى عصبته الأقرب فالأقرب من عصبة المحبس» وقد فسر البرموني في حاشيته على بهرام الانقطاع بالموت وقول السائل هل رجوعه كابتداء حبس فيستقر لبنيه إذا مات أو لمجرد انتفاع إلى آخره يشعره بأنه يعتقده جل أهل العصر من أن الحبس إذا أطلق يكون معقبا، وليس كذلك فابتداء الحبس لا يكون به معقبا إلا أن يعقبه المحبس ولذا قال خليل في مسألة أولاد الأعيان «وعقبه» وأفاد أنه إلا أن يعقبه والمنقول عن مالك في الحبس المطلق روايتان لا تعقيب فيهما إحداهما أنه بعد المحبس عليه يرجع لأقرب فقراء عصبة المحبس وهو المشهور وعليه مضى خليل «ورجع إن انقطع...»، ورجع إن انقطع والثاني أنه يرجع ملكا للمحبس إن كان حيا ولوارثه إن كان ميتا والروايتان في المدونة والمقدمة وذكرهما شراح خليل بعد قوله في الهبة كحبس عليكما وهو لآخركما ملكا[135]»"

وهذه المسالة كغيرها من المسائل جرت فيها مساجلات بين محنض بابه ولد اعبيد وبين حبيب الله بن الأمين ابن الحاج الشقروي حول شخص حلف بالحرام وجامع الأيمان ثم حنث ما يلزمه وقد أفتى محنض باب بأن زوجته قد حرمت عليه بتاتا وأفتى حبيب الله بأنه لا يلزمه سوى طلقة رجعية واحدة وقد بدأت المساجلة بفتوى قصيرة كتبها محنض بابه هذا نصها "الحمد لله وبعد فقد سئلت عن من حلف بالحرام وجامع الأيمان فحنث ثم أتى مفتيا فأفتاه بأن ذلك طلقة رجعية فراجع زوجته ووافقته على ذلك ثم بعد مدة ندمت لأجل ما سمعت من انكار ذلك عند الناس فأتيا عالما مترافعين فأجبت والله أعلم بأنهما يحدان ولا يجري فيهما التأويلان اللذان ذكرهما الشيخ خليل لانتفاء الخلاف في لفظ الحرام في عرف زمننا ولا سيما إن كان معه لفظ جامع الأيمان ولا أظن أنه يعذر بجهل ذلك لاشتهاره عند العامة ومن أفتى بأن ذلك طلقة رجعية يؤدب ولا تقبل شهادته ولا إمامته نص على ذلك ابن رشد"، ورد حبيب الله في رسالة حادة اللغة على محنض بابه لم نذكرها تجنبا للإطالة.

وإذا كنا في ما مضى من سالف هذا البحث قد صفنا القضاة إلى الأنواع الثلاثة المتقدمة فإن محنض بابه تولى كل هذه الأنواع الثلاثه إليك نماذج أحكامه بوصفه قاضي الإمارة كما سنعطي فكرة عن قضاء محنض بابه بوصفه محكما فبالنظر إلى حالات التحكيم الأخرى التي احتفظت الذاكرة الجماعية عنها بمعطيات ملموسة فإن معظمها يتعلق بالقود مما يعني توسيعا عرفيا لدائرة مشمولات نظر المحكم الشرعية ولعل من أكثر تلك الحالات دلالة في هذا المجال وأصدقها تعبيرا عن سلمية التحكيم وما يثيره أحيانا من مناظرات فقهية حامية الوطيس النازلة التندغية ونماذج أخرى سنذكرها في أربعة مطالب:

هذه النازلة في الجنايات والتي تجابه فيها بطنان مالكيان من تندغة هما: أهل أبابك وهل آبيرى.
وكان ابن متالي[136] يعضد أهل أبابك في حين كان منافسوه اركاكنه يقفون إلى جانب أهل آبيرى وقد بدأ هذا الصراع بغارات أهل آبيرى على أهل أبابك وما تولد عنها من قتلى في صفوف الطرفين قررا بعدها تحكيم ابن متالي لحل نزاعهما.
وكان طغيان النزعة الثأرية على مستوى العصبيات المتصارعة والأحداث التي تلت عمليات التحكيم كفيلة بإفشال جهود ابن متالي لنزع فتيل ذلك النزاع الذي اعتبر طرفا في إحدى منعرجاته الكثيرة[137]، فقد أبرم الصلح بين الطرفين وأرسل رجالا إلى أهل أبابك في طلب الوفاء بشروطه.
وفي حادث عارض قتل أحد أعضاء الوفد "محمذن ولد سيد أحمد الأبابكي" محمد فال بن احمتك الأبيري ليزداد النزاع تعقيدا وترفع القضية من جديد إلى محنض بابه قاض الإمام للفصل بين الخصماء في محصر[138] محمد لحبيب وقد أصدر محنض باب حكما بقتل محمذن ولد سيد أحمد 1829-1889 قصاصا وكاد أن ينفذ فيه ذلك الحد لولا تدخل شيخه ونصير قومه محمذن فال بن متالي ونقضه حكم محنض بابه في فتوى مشهورة يقول فيها: "... إن محمذن ولد سيد أحمد لا يتناوله قصاص في الدنيا ولا عموم وعيد في العقبى لأنه عدل عن آلة تصمي إلى آلة لا تصمي" وهذه واحدة من القضايا التي خرج فيها القضاة الموريتانيون على مشهور المذهب المالكي لأن ابن متالي هنا كيف القتل على أنه شبه خطإ والمالكية لا يوجد عندهم إلا قتل عمد أو خطأ ولم يكن العلماء والقضاة الموريتانيون بدعا في هذا "وإن كان بعض العلماء الأندلسيين يوجد عندهم شبه الخطإ في القتل فربما يكون ولد متالي هنا قلد بعض أسلافه المغاربه وآل الأمر في النهاية إلى رجوع ابن اعبيد عن موقفه وتبني رأي ابن متالي القائل إن ابن سيد أحمد إنما قتل دفاعا عن نفسه ومن قتل دفاعا عن نفسه لا يتناوله قصاص لأن الصائل دمه هدر كما هو معروف عند الفقهاء وسنلخص  دليل محنض بابه للقصاص فيما يلي أنه تعمد الضرب المسبب للموت وقد قال خليل: «وقتل بما قتل به وإن بقضيب[139]» فلما طلب أهل أبابك تأجيل التنفيذ حتى ينظر ابن متالي واستدل ابن متالي بما يلي:" أن ميارة على العاصمية قال إن: ولي الدم إذا عفا بالمال عن القصاص ولم يجد المال فله أن يرجع" فنظر ابن متالي إلى هذا القتل على أنه ليس عمدا محضا وإنما هو خطأ أشبه العمد وهو أمر لا يقول به مالك لأن القتل عنده إما عمد وإما خطأ ولكل منهما أحكامه وأما باب بن أحمد بيب العلوي فقد استدل على عدم القصاص بقوله تعالى: {فوكزه موسى فقضى عليه}[140] لأن موسى لم يرد القتل بالوكزة وإنما حصل القتل بسببها فلم يقل الله سبحانه وتعالى "وقتله موسى"، وهذا استدلال جيد وإن كان فيه خروج على المذهب أيضا وكما أسلفنا حسب المصادر الشفوفية أن محنض باب رجع عن حكمه إلى رأي ابن متال مع أن لدينا وثيقة يغلب الظن أنها تتعلق بالموضوع يذكر فيها محنض بابه أن حكم القاضي المرتب لا ينقضه إلا قاض أعلا منه أما المحكم فليس من أهل النقض لأن النقض حكم والمحكم لا يحكم من غير تحكيم واستدل على ذلك بكلام القرافي في كتاب "الأحكام في تمييز الفتوى عن الأحكام" إذ يقول: "إنه لا يصح النقض إلا من القاضي خاصة لأن من لا يملك العقد لا يملك الحل فالمرأة لا تطلق نفسها لأنها لا تزوجها وصاغ نصوصا لأهل المذهب تفيد أن غير القاضي ليس له التعرض لنقض الأحكام وفي تطور لاحق لهذا النزاع زحف جيش من اركاكنه الذين لجأ إليهم أهل آبيرى فقتلوا أحد أبناء السالم ابن الفاروق وجرحوا أحدهما وجرت المرافعة ثانيا على محنض باب فحكم بالقسامة بشهادة عدول من الزوايا شهدوا بالسماع الفاشي بحضرة جماعة من أهل الصف فلم يدعوا مدفعا والشاهد إذا لم يكن من الفريقين لوث بلا كلام كما في التوضيح وكان رأي ابن متال أن يقتل جميع الزاحفة بواحد في الدافعة وكتب في ذلك إلى محنض بابه مذكرا إياه بأن القضاء في هذا البلاد منتف نهائيا لانتفاء أركانه التي عليها يشاد لعدم القضاة والولاة والحماة[141].
ثم يتحدث عن قضاء محنض بابه في أمر قتل ولد السالم ولد الفاروق مكيفا الجناية على أنها تمت بتواطئ وتمالئ على القتل إذ يقول: "ويتدرب الكل في آلات القتل والرمي بها ولا يضعون آلة القتل عن عواتقهم واستمرت كلمتهم متفقة على ذلك إلا أن غزوا في وقت واحد بأيدي الكل آلات يعلم أنها لم تتخذ إلا للإصماء لا تمييز لصاحب ثأر ذي الجد في إدراكه عن غيره وساروا مجتمعين إلى أن زحفوا بغيا على ذلك الحي متخذين المال وراءهم قائلين إنهم ملوا أخذه ثم حملوا حملة الرجل فأصابوا من أصابوا وأخطئوا من أخطئوا[142] ويحتج محمذن فال ابن متالي لرأية بقوله تعالى: {ليعلم الذين نافقوا وقيل لهم تعالوا قاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا}[143] بأن معنى الدفع عن القوم بتكثير السواد.
ويورد ما ذكره البناني من استظهار قتل جميع الجماعة الباغية بقتل واحد من الدافعة وأنهم متمالؤون.
ورد محنض بأنه على ابن متالي بأن استظهار البناني يدل على أنه لم يجد فيه نصار وأن ابن مرزوق[144]والحطاب فيهما ما يفيد مخالفته.
ثم كتب إليه ابن متالي التسليم لما يحكم به القاضي من القسامة من على واحد مخاطبا  إياه إذ يقول "لكن إذا كان الحكم عندك بخلاف ذلك وأنه لا بد من القسامة على واحد فأعلم أنا مقلدوك ومسلمون لما تحكم به، أحكم بما أراك الله وحث محمد الحبيب على تنفيذ حكم القاضي محنض بابه.
وحسب الوثائق المتاحة من فتاوي ومراجعات حول النازلة التندغية وحسب محمدن سيد محمد ولد حمينه[145].ينص بالحرف الواحد على رجوع كل من الشيخين إلى رأي الآخر في أحد مظاهر تطورات هذا النزاع فيقول: "ويذكر هنا أن محنض بابه رجع إلى رأي ابن متالي في قضية محمذن ولد سيد أحمد فحكم بالدية ورجع ابن متالي إلى حكم محنض بابه في أمر القسامة".
أما لولي بن اليعقوبي 1277هـ فلم يرض عن الحكم فتبادل مع محنض بابه من جهة ومع ابن متالي من جهة أخرى رسائل في الموضوع.
 ويذكر من أدبيات هذا النزاع أن محنض بابه عندما جلس في قضية تندغة عامل الشيخ ابن متالي وهو من هو معاملة خصمه فلم يقم إليه عند دخوله المجلس كما كانت عادته معه في السابق، وأن محمذن ولد سيد أحمد الذي حكم عليه القاضي محنض بابه بالقصاص رثى محنض بابه بعد وفاته وسنأتي بالنصوص التي راجع بها ابن متالي محنض بابه في الفصل الثالث إن شاء الله الخاص بمحمذن فال بن متالي.
وبما أن القضاء في هذه البلاد استمد من القضاء الإسلامي والمرابطي صفة المجانية إلى حد ما ولو نسبيا مما  أدى إلى استقلال السلطة القضائية عن السلطة السياسية وعدم تأتي صلاحيات الأولى من الثانية فإن ذلك قد منح القضاة الحرية التامة في ممارسة وظائفهم الشرعية.

إذا كانت النازلة الغلامية في وقتها شكلت مجالا لاستعراض العضلات الفكرية وإبراز القدرات الذهنية لدى علماء ذلك الوقت ممن تباروا في حلها.
وتمثل نازلة استلحاق محمدن ولد الكوري لابن أمته نموذجا بارزا يحدد مدى قدرات جيل ذلك الوقت العلمية وهذه النازلة هي عبارة عن استلحاق محمذن ولد الكوري لابن أمته وهي النازلة المعروفة في الوسط الديماني بالنازلة الغلامية التي رفعت إلى أحمد ولد العاقل فحكم فيها بلحوق الغلام لابن الكوري بعد وفاته وإليك نص حكم أحمد ولد العاقل حسب الوثائق المتاحة: "الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله وبعد فقد ترافع إلي محمد ولد أحمد ولد حرمه وأبوبكر ولد سيدي ولد حرمه في شأن غلام ادعى الأول أن محمذن ولد الكوري ولد حرمه رحمه الله استلحقه وأنكر الثاني فألزمت المدعي البينة فأتى بشاهدي عدل على الاستفراش وهما: محمد ولد أحمد ولد عبد الله وزين ولد الغالي وآخرين على الاستلحاق وهما المصطف ولد أعبيد بن محمود لله والزيغم ولد عاش قرنا وعدول كثيرون شهدوا على القطع بأنه ولده لحصول العلم لهم بالقرائن بذلك، وبسبب القرائن البينة كتسميته باسم جده وحمرة لونه والعق عنه بثلاث شياه وغير ذلك، ومنهم أي العدول محمد القرشي ولد ألمين بن أحمد بن يحي ومحمد فال بن والد ومحمد كم ولد الفاضل وعبد الله جنك[146]. فأعذرت للمشهود عليه في الشهود فلم يبد مطعنا فحكمت بلحوقه بعد مشورة العلماء من أهل البدل كالمختار ولد محمذن ولد المختار ومحنض بابه ولد أعبيد وغير[147].
وهذا نموذح للأحكام مكتمل الشروط ذكر فيه أحمد بن العاقل رحمه الله، الحكم والمترافعين، وموضوع النزاع، والشهود، وسماهم، وأعذر للمشهود عليه، وشاور العلماء، فحكم. كما هو معروف عند الفقهاء.
 وقد عارضت ذلك الحكم جماعة من أبناء عمومة الرجل منهم بكي ولد سيدي ولد حرمه في مرحلة أولى ووافقه جماعة من علماء المنطقة منهم محمذن فال بن متالي وغيرهم، ومحنض بابه في مرحلة ثانية.
أما محنض بابه الذي ذكر أحمد بن العاقل أنه استشاره فإن له موقفا آخر من هذا النزاع فهو يرى عدم اللحوق ويفصل ذلك في مكتوب يبعث به للشيخ سيدي بن المختار الهيبه ليطلعه فيها على رقية المختار وهو الغلام.
 الذي دار حوله النزاع وكان المختار هذا ينوي التزوج في قبيلة الشيخ سيديا أو تزوج بالفعل كما يفهم من رسالة الشيخ سيدي الجوابية وهذا نص رسالة محنض بابه إلى الشيخ سيدي باختصار وتصرف يسير:"فبعد المقدمة المعهودة وذكر الله والإشادة بالمبعوث إليه والتعبير عن التعلق والشوق والإجلال والتعظيم والإشادة بفضله يقول محنض بابه مخاطبا الشيخ سيديا  موجبه الاستغاثة إلى  الله ثم إليكم في ملمة ألمت وطامة طمت وهي أن محمذن ولد الكوري ولد حرمه ترك ابنة وعبيدا منهم أمة متزوجة لها ولد لم ينفه أبوه فلما لم يترك سيدها ولدا ادعت أم السيد وأقاربها أن ذلك الولد من محمذن ولد الكوري واحتجوا بحجج منها شهادة رجل أنه عاينه يستمتع بأمته ومنها قرائن على أنه ولده فرفع ذلك إلى الشيخ أحمد ولد العاقل[148]، ولم يقبل تلك الحجج لضعفها عنده واحتج بقول خليل: "وإنما يستلحق الأب مجهول النسب" وأمر أولاد حرمه بقسمة التركة وأبقاه على الرق وذلك حكم عند ابن القاسم لايجوز نقضه فلما قسموا المال وقع الغلام في نصيب بنت محمذن ولد الكوري وبقي كذلك نحو ثلاثة عشرة سنة ثم قام سيد أحمد ولد حبيب الله ولفق حججا أيضا فأصغى الشيخ أحمد ولد العاقل لحججه ومنها شهادة من لم يرفع في تلك السنين ويرى أم الولد تستخدم وفي حق الله تجب المبادرة بالإمكان[149].
وقد نصوا على أن من لم يبادر يقدح ذلك في شهادته ولا يعذر بالجهل كما في التوضيح عند ذكر سكوت البكر ونظم الزقاق للقواعد ولما أصغى الشيخ لتلك الحجج قال إن الغلام لمحمذن ولد الكوري بل حكم بذلك فجعل أهل حرم ومن نصرهم ذلك حجة يدفعون بها من يطلب حقه من تركة بنت محمذن ولد الكوري وذلك إن ثبت منقوض لمخالفته نص قوله صلى الله عليه وسلم: (الولد للفراش...)[150] أي لصاحب الفراش ولا خفاء أن الزوجة فراش لزوجها إلى أن يقول والحكم بلحوق هذا الغلام لمحمذن ولد الكوري نقضه أحمدو فال بن محمذن فال الموسوي[151]. بسبب مخالفته للنص السابق ونقضه محمذن فال بن متالي وسلم له أحمد محمود التندغي[152] وسيد أحمد ولد محنض ولد خاديل[153] ومحمذن ولد الكوري لو ثبت أنه وطئها بعد استبرائها من زوجها وولدت لستة أشهر فأكثر من وطء السيد فإذا علم هذا فابنت محمذن ولد الكوري التي هي سيدة الغلام تركت زوجا وأما وبنيها فورثت الأم وبنوها نصف الغلام فإذا كان لهم حق في فسخ نكاحه فقد فسخوه ومعلوم أن مالك بعض العبد له رد نكاحه انتهى ثم جاء جواب الشيخ سيدي[154] باسم جماعة أهل محنض نلله من أولاد لمرابط مكه ابن ابيري أخوال محمذن ولد الكوري في رسالة مطولة مليئة بالنصح والإرشاد لإصلاح ذات البين ثم يعود بعد ذلك إلى حكم أحمد ولد العاقل فيقول ثم لتعلموا أن حكم القاضي العالم العادل المجمع في عصره على جلالته وتقدمه في خطة القضاء والفصل بين الخصماء لسنا ممن يتعرض عليه ولا يعترض في شيء من الأشياء عليه لكوننا لسنا من رجال ذلك الشام ولامن فرسان ذلك الميدان مع العلم أن لحوم العلماء مسمومة وعادة الله في منتقصيهم معلومة وأما نكاح بنت عبد الله ولد حيبلله ولد العالم[155] فالأمر فيه عند أهلها كالعدم في جنب استرقاق بعلها بل يقال في جدار ذلك لدى التخريب ما يقال في مثقال الذيب[156] انتهى.
قد اشتهر هذا النزاع بنزاع الغلام أو المسألة الغلامية ويذكر أنه بمناسبة هذا النزاع قال محنض بابه إن حكم أحمد ولد العاقل منتقض لعدم صحة قضاء الأعمى وكان الشيخ أحمد بن العاقل قد كف بصره آنذاك فرد عليه أحمد بن العاقل بأن ذلك مقيد بوجود المثل ملمحا إلى أن الشيخ محنض بابه لم يبلغ مرتبته بعد[157]، مع العلم بأن سلامة البصر والسمع واللسان من شروط التمادي والاستمرار لا من شروط الصحة كما مر معنا سابقا بمعنى أن القاضي إذا عمي يجب عزله عن القضاء ولكن أحكامه تنفذ لأنها صحيحة عند المالكية وأما عند الأئمة الباقين فإنها شروط صحة عندهم لازمة لصحة أحكام القاضي وحكي  هذا القول عند بعض المالكية[158]وهذه واحدة من تلك  المسائل التي خرج فيها قضاة وعلماء هذه البلاد على مشهور المذهب المالكي وبعد هاتين النازلتين نأتي بتصرف قضائي آخر لمحنض بابه.

قال محنض باب: "الحمد لله وما توفيقي إلا بالله والصلاة والسلام على رسوله وعلى آله وأصحابه، وبعد فإن من القواعد التي بني عليها الفقه قولهم الضرر يزال وهو مأخوذ من قوله صلى الله عليه وسلم: (لا ضرر ولا ضرار)[159] اختلف في قوله لا ضرار هل هو تأكيد لما قبله في النهي عن الإضرار ومعنى الأول لا تضر من لم يضرك ومعنى الثاني لا تضر من ضرك فعلى هذا كل ما فيه إضرار أو ضرر أو ضرار منهي عنه عقدا كان أو غيره والعقد المنهي عنه فاسد يفسخ قال الشيخ خليل "وفسخ منهي عنه إلا بدليل" وما اتفق عليه الشافعية والمالكية[160] أن النهي يقتضي الفساد[161].
ولا يخفى أن شراء الحسن لربع انتمركاي[162] من المرداني إنما قصد به إضرار آل الكوري ولد قطرب لما بينهم، من العداوة فما حكم به سيد أحمد ولد م محم فسخ ذلك الشراء صواب.
وكذا حكمه بأن المرداني يبقى له ما أخذ من الحسن ويدفع آل الغلاوي للحسن قيمة ما دفع المرداني لأن ما أخذ المرداني قد اختاره عن نصيبه من انتمركاي فلا ضرر عليه في ذلك والحسن ليس له إلا قيمة ما دفع ولا ضرر عليه في أخذه من غير المرداني بل أرفق أخذه من آل الغلاوي لأن تمكنه منهم أشد من تمكنه من المرداني وكذا ذكر الخرشي وعبد الباقي[163]. في باب الشفعة عند قول خليل "وكتابة ودين" أن الدين إن بيع لعدو فالمدين أحق به لدفع الضرر ومما يشهد لما حكم به سيد أحمد من بقاء ما أخذه المردان له ودفع قيمته للحسن مسألة ورثة المشتري بالخيار إذا رد بعضهم وأجاز بعض فإن الاستحسان أخذ المجيز جميع السلعة ويدفع جميع الثمن للبائع ليرتفع عن البائع ضرر التبعيض ولا ضرر على أحد في ذلك لأنه بقي لمن رد، ماله وأخذ البائع مثل الثمن الذي باع به.
فدعوى أن ما فعله سيد أحمد لا نظير له في الفقه قصور نظر وكذا دعوى أن فسخ العقد للعدواة خاص ببيع الدين لعدو، فإنه يفسخ كل عقد فيه ضرر كتفرق أم من ولد لم يثغر وتوكيل عدو في خصومة وبيع غير الدين للعدو كبيع الدين له في الإضرار، والعقد لا يزال ضرره إلا بفسخه. فما حكم به سيد أحمد في شأن انتمركاي هو الصواب فلا يجوز له ولا لغيره نقضه هو الصواب ومن أفتى للحسن بفساد ذلك الحكم فقد أغراه على إضرار سيد أحمد وإضرار أهل الغلاوي والله حسيبه وتجب التوبة من ذلك والرجوع وبالله التوفيق لا رب غيره وهو حسبي ونعم الوكيل.
محنض بابه
ما كتب من أن حكم سيد أحمد على الحسن صواب: صواب وأما تمكين الخصم من مرافعة قاضيه فيه خرم قاعدة تأمين القضاة لا سبيل إليه شرعا.
محمد محمود ولد حبيب الله بن القاضي[164]
       نقلا عن نسخة محمدن ولد حامدن


في فتوى مخالفة لجمهور الفتاوى الشنقيطية حول مستغرقي الذمة وكيفية القضاء لهم يقول محنض بابه: لما سئل ذات يوم إذا أتاك معصوم مال ومستغرق ذمة متقاضيين أتقضي للمعصوم ولو بغير حق لما كان في الكتب من أن من قضى للمستغرق على المعصوم غرم للمعصوم ذلك المال يوم القيامة لأن المستغرق لا يملك شيئا والمعصوم أولى بذلك المال منه أم كيف تصنع؟ فقال ما في الكتب صواب ولكن إذا قضيت للمعصوم بغير الحق وعلماء الدنيا كثيرون وربما أخبر المستغرق بعضهم بحقيقة الأمر فيظهر على الخيانة ويكون في ذلك انخفاض لشأني وعدم نفوذ كلمتي فلا يترافع إلي اثنان بعد فيكون ذلك سبب لاتساع الخرق وجلبا لضرر أعظم من ضرر قول الحق بينهما فو الله لا أقضي بغير الحق أبدا ويبدو الأمر لدى محنض بابه مما تقتضيه ضرورة الحفاظ على سمعة القاضي وصيانة شرف المهنة وإن كان خالف سلفه اليدالي كما هو معلوم في نص رسالة اللفعة[165]ونلفت الانتباه في الأخير إلى أن أحكام هؤلاء القضاة بوجه عام نافذة بنفسها ما لم يطعن أحد العلماء بصحتها ويطالب بنقضها فيستمر الجدل بشأنها حتى توجد كملة سواء فيها وخير مثال على ذلك النازلة الغلامية التي لم تحسم إلا بعد موت أحمد بن العاقل وتولي محنض بابه منصب قاضي الإمارة، فصار برتبة أحمد السابقة فحكم فيها برأيه كما تفيد بعض النصوص.
ويرى ميلود ولد المختار خي[166].
"أن محنض بابه كان إذا قضى بين الخصوم ألزم الملد وأجبره على الحق ولو كان ألد الناس وأعرفهم بالخصومات..." وقد يكون لاستقامته في فصل الخصام وحرصه على اتباع الحق وصون شرف المهنة الدور الأساسي فيما يتمتع به من نفوذ ولذا اعتبره أدييجه الكمليلي. المشار إليه من أهل حل المشكل ومن يعتمد عليه بل من لا يصغى إلا إليه في أحكام النوازل" وأكد على ذلك الرأي في مكان آخر من استفتائه إياه المطول في شأن نازلة تتعلق بصلاحيات وصي المحجور عليه حين خاطب محنض بابه قائلا:"وأنت اليوم في أهل البلد مسموع الكلام فيما ينزل من الأحكام، كما خرج محنض بابه ولد اعبيد على ما درج عليه فقهاء عصره من تعطيل الأحكام الجنائية لغياب السلطة وقال بالقود في القتل العمد وحكم به غير ما مرة ولم يشترط في القود وجود الحاكم بل اكتفى بأمن الفتنة كما صرح بذالك في فتواه الشهيرة القائلة: "الحمد لله وما توفيقي إلا بالله والصلاة والسلام على محمد وأصحابه أما بعد فإن إقامة الحدود والقصاص لا يشترط فيها حكم الحاكم وإنما يشترط أمن الفتنة كما نص عليه خليل[167]: "فإذا طاع أولياء الجاني بقتله" لم يتوقف على وجود الحاكم وإذا امتنعوا فقد خالفوا الشرع وحكمه ومنع أولياء الدم أخذ حقهم لما يترتب عليه من المفسدة هذا إذا لم يكن القتل غيلة وأما إن كان القتل غيلة فالحق فيها لله فلا يجوز فيها الصلح بمال كما في المدونة ونقله الحطاب اللهم إلا أن لا ينقاد القاتل  و أولياؤه لحكم الشرع والعياذ بالله ثم إذا صولح فعليه جلد مائة وحبس سنة حقا لله تعالى تأخذه منه الجماعة إن لم يوجد حاكم إلا أن يلزم على ذلك فساد أو فتنة والإثم والملام على مانع إقامة الحدود والسلام على من اتبع الهدى وعصى النفس والهوى.
وإذا كان محنض بابه قد طبق الحدود فيمن لمن تكن لهم عصبيات تمانع دونهم فإن أحكامه بالقصاص على ذوي العصبيات القوية لم تجد طريقها إلى التنفيذ ودخل بسببها مناظرات حامية الوطيس مع بعض علماء العصبيات القبلية المستهدفة بالقصاص.
فقد اعترض على حكمه لدابلحسن بالقصاص من إيدوعلي في أعقاب يوم "لميلحة" سنة 1257 – 1831هـ فتى ولد سيدنا المتوفى 1839هـ في فتوى يعبر عنوانها عن مضمونها بوضوح سماها "تنبيه العالم العلامة في موانع القصاص والقسامة" وسبق الحديث عن مناظرته مع محمد لولي بن اليعقوبي في شأن النازلة التندغية.
وسنعرف المزيد إن شاء الله عن مدى قدرة العلماء على مراجعة القضاة في النوازل القضائية وذلك من خلال الفصل الخاص ب "محمذن فال ابن متالي ومراعاة الخلاف.



-         تمكن الرجل اللغوي فهو كان على دراية فائقة باللغة العربية
-         قوة مدركه في الفقه وسعة خياله المعرفي
-         معرفته الزائدة بأصول الفقه وقواعده
ولكن المهم عندنا الآن هو أن نعرف أثر هذه الموسوعية في فقهه وسنقسم هذا المبحث إلى ثلاثة مطالب.

سنبدأ هذه الترجمة بذلك التعريف المقتضب الذي كتبه محمد محفوظ ولد أحمد المجلسي حيث قال عنه محمذن فال بن متالي بإعجام الدال، هو نادرة زمانه في العلم والصلاح كان مدرسا ومؤلفا ومرشدا عمت شهرته الآفاق وتتلمذ عليه كثيرون وله عدة مؤلفات عاش بمنطقة "القبلة" وتوفي 1287هـ[169].
أما التعريف الثاني فهو مختصر ولكنه أكثر تعريفا بهذا العلم الراسخ والطود الشامخ، هو العالم العلامة والبحرالفهامة وحيد زمانه وفريد أقرانه جمع بين الشريعة والحقيقة اشتهر بالصلاح والعلم والورع.
أما اسمه محمذن فال بن متالي من محمذن بن أحمد بن أعمر بن ابيج بن بيج بن فودي وهذا الأخير هو الجد الجامع لبطن إيدكفودي الذي ينتمي إلى قبيلة تندغة عن طريق التحالف القبلي ويتصل نسب "فودي" بأحد الشرفاء الأدارسة وهو محمد الملقب بأبي بزول[170] وأمه جليت بنت محمدن بن حابيب بن الحيوية تجتمع مع أبيه متالي عند جدهما أبيج يلقب محمذن فال هذا بمتالي ولد سنة 1205ه 1790م وقد نشأ وترعرع في أسرة عريقة في الصلاح والتقوى فوالده متالي تحكى عنه حكايات خارقة تدل على صلاحه.
وقد أرسلته والدته رفقة ابن خالته "أمغر" بن حبيب اليحوي إلى احد علماء المنطقة وهو المؤيد بن مصيوب الكمليلي ليدرس عليه ثم عاد من عنده إلى أحمد بن العاقل الأبهمي الديماني ليستعير منه كتاب الكوكب الصاطع في الأصول فأعاره إياه ولا يعرف له من الأشياخ إلا المؤيد بن مصيوب الآنف الذكر.
وأكثر المتحدثين عنه من الكتاب والمؤرخين يذكرون أنه فتح[171] عليه وهو صغير السن.
عاصر علماء أجلاء ودخل معهم مساجلات فقهية رائعة لما خلفته من إثراء الساحة الفكرية والعلمية تلك الأيام مما ينبئ عن تفوق جيل الأمس في العلم ودماثة أخلاقهم، وتمسكهم بالحق ومن أهم هؤلاء العلماء لمجيدري ولد حبل ولول بن اليعقوبي وحرمه ولد عبد الجليل ومحنض باب ولد أعبيد كما مر معنا سابقا.
يتمتع ولد متالي بصيت ذائع وسمعة طيبة واحترام من طرف الجميع وخاصة قبائل الزوايا، وقبائل بني حسان الحاكم باترارزة اعتنق الطريقة الشاذلية في التصوف وأخذها عنه خلق كثير هدى الله به جمعا غفيرا من البشر أما تلامذته فمن أشهرهم المختار بن ألما الديماني[172] اليداجي وعبد الله بن مختارنا الحاجي وأحمد بن المختار المالكي التندقي والطبيب أوفى[173] بن أبي بكر الألفغي.
ومن أشهر مؤلفاته نظم الشهداء
-         نظم فيه شهداء جميع غزوات النبي صلى الله عليه وسلم
-         النصيحة أو الوصية وهي نظم في التصوف
-         الجميل بسعادة المحيا والمماة
-         الظل المدود وهو نظم مع شرحه للرد على المعتزلة وتقسيمهم صفات المعاني
-         صلاح الآخرة والدنيا في تفسير القرآن
-         نظم الأخلاق في السيرة النبوية
-         تسديد النظر في المنطق شرح به مختصر السنوسي
-         فتح الحق، وغيرها كثير
توفي رحمه الله سنة 1287هـ 1896م وقد دفن بالمقبرة المشهورة ب"انوعمرت" الواقعة جنوب شرق انواكشوط على بعد 60 كلم[174].
أما مكانته الاجتماعية فللحديث عنها يكفي شاهدا مراجعة النازلة التندغية بمختلف حيثياتها وخاصة تلك الرسائل التي تبادلها مع محمد لولي اليعقوبي ومحنض باب ولد اعبيد فيها إذ نلاحظ أن ابن متالي كان يتكلم فيها وكأنه مفوض من طرف مجتمعهم له صلاحيات واسعة ويرى ابن عبد اللطيف أن ذلك كله عائد إلى احترام الجميع للرجل وذلك لمكانته العلمية الفذة[175] والدليل على ما قدمنا ما سنراه قريبا عندما نصل إلى نماذج من فتاويه أو تحكيماته.


وحسب محمدن ولد سيد محمد ولد حمينه فإن محمذن[176] فال بن متالي أفتى بغير ما ألفناه عند علماء وفقهاء هذه البلاد في عدة فتاوى صدرت عنه منها:
1)       قوله في النية:
فالنية في العبادات عند جمهور العلماء يجب أن تسبق العمل أو على الأقل ترافقه (أي تصاحبه وقت الإنجاز) وخاصة عند المالكية وذلك لأنهم يقولون في كتب فروعهم أن النية تسبق العمل لأنها عمل قلبي مفاده القصد إلى الشيء أما ابن متالى فيرى خلاف هذا حيث يقول في فتوى من فتاويه الشهيرة أن الإنسان يكمن أن يعمل العمل من صلاة وصيام وصدقة ثم يتبعه النية وله في ذلك:
إلحاق نية العباد العملا


بعد المضي جاز لنا تفضلا

2)       قوله في معامل الأيتام
وفي جواب لسؤال عن كيفة معاملة الأيتام في أموالهم أجاب بأن معاملتهم جائزة ما دمت في حدود المعروف بل وذهب أبعد من ذلك حتى إنه أفتى بجعل إتاوات[177] على الأيتام وعلل تلك الفتوى بقوله: "لكي لا يكبروا وهم لؤامى" وهنا لا تخلوا هذه الفتوى من نظرة مقاصدية وإن كان فيها خروج واضح على فقه مالك وخاصة القاسمي الخليلي الذي ينص علماؤه على أن معاملة الأيتام تقتضي التورع الزائد وقد  ذكر ابن عبد اللطيف أنه وقف على فتوى لأحد علماء هذه البلاد تفتي بأنه على المرء أن يجعل احتياطا من ماله حفاظا على مال الأيتام وتقترب فتوى ابن متالي هذه من فتوى النابغة الغلاوي في شأن أيتام أهل القبلة عندما جاءهم، حيث لاحظ عليهم مسائل من بينها عدم ورعهم في معاملتهم مع الأيتام مع مسائل أخرى وقد قال له أحمد بن العاقل أما بالنسبة لمال الأيتام فسأجيبك عنه بعد ثلاثة أيام وكان أحمد بن العاقل قد أوصى كل من يكفل يتيما أن لا يسقى شيئا من ماله إلى ثلاثة أيام فلما كان اليوم الرابع وبلغت الماشية من العطش مبلغا كبيرا أتى أحمد والنابغة البئر، فلاحظ النابغة ماشية في غاية العطش وسال عنها لمن هي؟ فأجابه أحمد إن ذلك مال ايتام الحي فقال النابغة واجروا عليه من يسقيه بثلثه[178].
3)       مسألة الحلف بالحرام
سؤل الشيخ محمدفال بن متالي عمن سمعت منه زوجته الحنث في الحلف بالحرام هل لا تمكنه أو تمكنه وهل يحد قاذفه[179]؟
فأجاب: بأن مسائل الخلاف بين الصحة والفساد صحيحة ما لم يحكم حاكم بفسادها فما لها قبل حكمه بالفساد  أن تمنعه من نفسها ويحد قاذفه وكمقارنة بين هذا الراي ورأي محنض بابه السابق في المسألة نرى تباينا واضحا بينهما إذ يرى محنض بابه خلاف ما رآه الشيخ بن متالي تماما، حيث يقول محنض باب إن زوجة الحانث بالحرام تحرم عليه ولا يحد قاذفه ومن افتاه بغير هذا يأدب.
4)       مسألة التعليق في الزوجة
سؤل ابن متالي هل تعليق الزوجة كالتعليق في الأجنية في الخلاف؟
فأجاب: لم أجد في خلافا منصوصا ولم يسلم محمد محمود[180] وجود الخلاف[181]
6 وطأ المشركة
 سئل الشيخ محمد فال بن متالي عمن حلف بالطلاق أن لا يطأ وطأ مجمعا على تحريمه فوطئ مشركة هل يحنث أم لا؟
فأجاب: لا يحنث لأن عدم حده إنما هو لمراعاة القول بالحلية ومثل هذا في فتاويه كثير جدا أي مراعاة الخلاف.
كما أفتى شيخنا بن متالي في فتاوي متعددة بإجراء عرف أهل البلد في تلك الفتاوي وخير مثال على ما نقول ما يلي:
1)       اعتباره شتم أبوي الزوجة كشتمها.
سؤل ابن متالي هل شتم أبويه الزوجة كشتمها في إيجاب التخيير؟
فأجاب: الفعل بالآباء كالفعل بالأبناء بدليل قوله تعالى: {واذكروا نعتمي التي أنعمت عليكم...}[182] وحدثنا أن تسلم بنت أعمر أكدبيجه كانت تحت رجل من بني ديمان وله ابنة من غيرها متزوجة فقالت له تسلم هل اشتريت بناء لزوج ابنتك فإني مررت به ورجلاه ضاحيتان فقال لها إني لست كأبيك الذي يجعل على بناته جعلا فتهيأت للمسير فقال إلى أين، فقالت خيرتني بالأمس فاخترت الفراق وسلم ذلك علماء ذلك الزمان وهذا عين إجراء العرف والحكم به لصاحبه.
2- في معاملة مستغرقي الذمة:
يقول ابن متالي في معرض حديثه عن مستغرق الذمة وذلك من خلال قراءة سوسيوثقافية في سبعة فتاوي تتعلق بمعاملة مستغرق الذمة اقتصرت هنا على اثنتين منها فقط وذلك تجنا للطول الممل يقول في الأولى ردا سؤال نصه سؤل ابن متالي عن قوله لا ربا بيننا وبين مستغرق الذمة فأجاب هم: أحرى بالمنع من العبيد. أما الثانية فهي تستغرق الذمة بقتال بني حسان بينهم أم لا؟ فأجاب: بأن القتال لا تستغرق الذمة لأن المترتب عليه قصاص لا مال.
3- مسائل الحبس:
سؤل الشيخ محمد فال بن متالي عن قسمة الحبس بالبت فأجاب بأن منع يقسمته بتا إنما هو لكون القسمة بيعا وبيع الحبس لا يجوز وقد أفتى علي بن ابن محسود[183] رضي الله عنهما كما في العمليات في جواز بيعه للضرورة وقد جرى العمل بقسمته بتا للضرورة[184] أيضا وفي وجود العبيد في الحبس يرى الشيخ محمذن فال بن متال عتقهم وتعويض قيمة غلتهم فقال في معرض حديثه عن العبد المحبس الممثل به المحبس فأجاب: بأنه يعتق عليه، وعليه قيمة غلته للمحبس.
أما إذا اشترط المحبس الرجوع متى شاء، فيرى ابن متالي الرأي التالي:
بأنه إن شرط الرجوع متى شاء فله شرطه وإن شرط الاعتصار متى شاء حمل على المقصد الشرعي فيفوت عليه الاعتصار ما يفوت به[185] ويرى ابن متالي أن الوقف يثبت بالإشاعة وشروطها كشهادة السماع[186] وعند إطلاق الوقف هنا بهذه البلاد يرى ابن متالي أنه يصير معقبا حيث أطلق ولا يدخل فيه ولد البنات.
وقد استوقفني كثيرا وأنا أكتب هذه السطور فتواه بعدم صحة وقف مستغرق الذمة بعد حسن توبته وذلك لما سؤل هل مستغرق الذمة من كتاب لمغافرة بعد حسن توبته يصح وقفه أم لا[187]؟
فأجاب: لا يصح وقفه بل يكون للفقراء.


هذا وبعد أن قرأنا قراءة متأنية في فتاويه ورأينا بعضا من تلك المسائل التي خالف فيها العلماء وذلك من خلال آراء وفتاوى متعددة له في الفقه حان الوقت لأن نقرأ في نوازل التحكيم عند ابن متالي.


1ـ مسألة ردة الأبابكية
بعد وفاة محنض بابه ولد اعبيد رفعت إلى محمذن فال بن متالي نازلة مقتضاها حسب الروايات الشفوية[188] المتاحة أن امرأة من أهل أبابك سألت ابنة لها عن الملائكة وصفاتهم وأثناء حديثهما قالت البنت أن الملائكة يأكلون فحكم بعض العلماء "أحمدو فال ولد محمذن فال الموسوي بردتها وبالتالي بطلاقها من زوجها فناظر ابن متالي أحمدو فال هذا قائلا: مدى الدليل على عدم أكل الملائكة في كتاب الله فرد عليه أحمدو فال بأنه يكفي أصل خلقتهم النورانية فقال ابن متال إن الدليل في قوله تعالى: {يسبحون الليل والنهار لا يفترون}[189] أي أن استغراق التسبيح للظرف الزماني كله هو الدليل لأنه لم يبق وقت للأكل ولا لغيره وعقب ابن متالي بأنه إذا كان يخفى هذا الدليل على بعض العلماء فبالإحراء امرأة تشرب اللبن في جانب متاع بيتها[190] وبالتالي حكم ابن متالي بعدم ردتها وبعدم طلاقها أما الدليل عن ابن متالي فهو دليل الإشارة في قوله تعالى يسبحون الليل والنهار لا يفترون}
 ولا تخلوا هذه الفتوى من خروج على مشهور المذهب لأن نصوص المذهب تفيد أن ناسبة النقيصة إلى الملائكة أو الرسل مرتد.
2ـ مراجعته لمحنض بابه ولد أعبيد بحكمه على عبد بالقتل قصاصا
كان منحض بابه ولد اعبيد قد حكم على عبد بالقتل قصاصا فطلب محمد لحبيب من محنض بابه تأخير التنفيذ حتى ينظر محمذن فال بن متالي في الحكم ويعرف هل فيه مطعن أم لا[191]؟ فطلب الأمير محمد لحبيب من محمذن فال بن متالي النظر في ذلك الحكم، فإذا بالعبد له ست أخوات كلهن حامل فقال ابن متال مخاطبا الشيخ محنض بابه أما ترى أهي القاضي أنه عند قتل هذا العبد يمكن أن تنجر عن ذلك مفسدة أعظم من مفسدة عدم القصاص لأنه لو قتل لأجهضت أخواته الست وربما متن كلهن فينجر عن ذلك قتل اثنتي عشر نفسا فرضي الشيخ محنض بابه ووقف التنفيذ حتى تضع أخوات الرجل وبعد فترة رضي أولياء دم القتيل بالدية فتحملها الأمير محمد لحبيب[192].
3 تعقيب ابن متالي على رسالة محمد لولي اليعقوبي إلى محنض بابه في النازلة التندغية
روى لنا ابن متالي في إحدى رسائله إلى محنض بابه قصة تحكيمه في الطور الأول من النازلة التندغية وأنه دع الأطراف إلى الصلح وأبرم الصلح وأرسل رجالا للوفاء بشروط الصلح وقبل أن أتي برسالته فيها التي عقب بها على رسالة نلفت الانتباه إلى أنه في الفصل الثاني من هذا البحث ذكرنا أن كل واحد من الشيخين رجع إلى رأي الآخر في واحد من تطورات هذه النازلة. وكانت رسالة محمذن لولي بن اليعقوبي إلى محنض بابه مليئة بنقضه لحكمه ومنع إقامة القضاء وأركانه بهذه البلاد لانتفاء الولاة والحماة ونحوهم وعقب ولد متالي على رسالة محنض باب تعقيبا هذا نصه: "الحمد لله والصلاة والسلام على محمد وآله هذا وإنه لا مخبأ بعد بوس ولا عطر بعد عروس[193].
فشمر أيها الناقض عن ساعد جدك واكشف عن ساعدك وعضدك واستعد بمن تحمد رأيه واجتهد من ترضى هديه وأدر قبل الحز المفاصل[194] واعرف قدر من تناضل ثم احتك بمحك الإقليم أو تب واكتف بالتسليم والسلام".
محمذن فال بن متالي
وفي رسالة ثانية يقول محمذن لولي بن اليعقوبي[195]: "أن الحكم بالقصاص في هذه البلاد لا يفيد إلا العداء والفساد وكثرة المشاجرات وقوة العناد فما حكم الله فيه لأهل البلاد. فهل يتعين مع وجود الأحكام المشهورة المصلح بين العباد مع الآيات المحكمات والسنة القائمة والآثار الدالة على الرشاد أو يصار إلى ما يدفع الفتنة والجهاد أو يعين مع عدم الولاة وفساد الجماعات وضعف القضاة...."  قوله في قضاة هذه البلاد سئل الشيخ محمذن فال بن متال هل للمحكم نقض حكم غيره؟
فأجاب: بان ذلك جار على قولهم من فعل مالا ورفع الحاكم لم يفعل سواه هل يكون ذلك كحكم الحاكم أم لا؟.
وأما قوله في جوابه لما سؤل هل ينقض حكم من حكم بقول خارج المذهب[196] فأجاب ينقض إن لم يكن مجتهدا ولا ذي رأي يرى صحة الحكم به فلا يرى لقوله وإلا فأمثل مقلد يحكم بقول مقلده[197] والمراد بأمثل مقلد من بلغ رتبة الترجيح وقال النابغة في نظمه بوطليحية:
أما المقلد فمحجور عليه


وعند ترك راجح رد إليه[198]

يعني أنه يلزمه الحكم بالراجح من مذهب مقلده والمشهور منه وإلا نقض قال صاحب العمليات:
حكم قضاة العصر بالشذوذ


ينقض لا يتم بالنفوذ

أما جوابه عن قولهم أن جماعة المسلمين تقوم مقام الحاكم فأجاب بأن ذلك لا يتحدد له محل[199] بمعنى أنه متى استطاعت القيام بذلك وجب عليها وهذا ما درج عليه فقهاء هذه البلاد وغيرهم من المغارب.


في حين يعطي بعض الفقهاء لفئة المحكمين صلاحيات واسعة إلى حد ما يرى ابن متالي أن المحكمة يعتبر رأي فقهي وخير مثال على ذلك روايته في قصة تحكيمه في النازلة التندغية ومضاعفتها حيث أمدنا بنصين مكرسين لذلك الموضوع.
فقد عرض في النص الأول ملابسات تحكميه في الطور الأول من النازلة وطريقة معالجته إياها وما آل إليه أمرها فبين أن المجني عليهم طلبوا من الجناة المرافعة فاستجابوا لها وحكموه فيما شجر بينهم وقبل ابن متالي التحكيم رغم كراهيته لفصل الخصام وبذل الجهد "في سبيل تبين الحكم بالحق والبعث إلى من يظن به العلم حجزا عن القتال بين الفئتين "شريطة وجود "جماعة تلتزم إنفاذ ما يحكم به..." فالتزم كل من حضر ذلك ثم أتت أعيان كل عشيرة من عشائر تندغة والتزمت ذلك وبعث بالتزامه من لم يحضر من تندغة ومن هو في عدادهم شرقيهم وغربيهم وشافه به كثير من زوايا الإقليم أصليهم وتائبهم والتزم الجناة الإنقياد لما يحكم به كائنا ما كان وأظهروا ذلك وأشهدوا به كل قاطن وقادم ثم بعثت بالاستشارة إلى كل ذي أهلية فمن مفت بقتل واحد من القسامة صونا للدماء ومن مائل لقتل جميع من خرج بآلة قتل بلا قسامة...[200]"
أما النص الثاني فيتعلق بالطور الثاني من هذه النازلة ونصه بالحرف كما يقول ولد السعد[201]: " وألح المجني عليهم على ابن متالي بالحكم بقتل الجميع فلم يزل يسوفهم "رجاء أن يوجد سبيل إلى ما هو أقرب إلى إزالة الشحناء أو تقريرها حتى تبرم المجني عليهم وضجروا وأبوا التسويف وطالبوا بإصدار حكم القتل ناجزا على جميع الزاحفة وآل الأمر بعد أخذ ورد إلى الحكم بقتل واحد بالقسامة اعتيض عنه بعد لأي بدية مغلظة لم يوف بها.
فما كان من ابن متالي إلا أن طلب تدخل محنض لحبيب لحمل الجناة على الوفاء على ما تم الاتفاق عليه.
 ويبدوا من منطوق رسالة ابن متالي العتابية إلى تندغة أن مضاعفات تلك النازلة قد فاقمت السراع بين الفصيلين التندغية وأن حلها قد مر بمنعرجات كثيرة وما يهمنا هنا من تلك الرسالة هو إشارتها إلى لجوء أحد الأطراف إلى محمد لحبيب لحل النزاع وما فعل بهذا الشأن حين قالت إحدى الطائفتين "أما الإبل التي أخذ محمد لحبيب فلم يصدر مني في شأنها إلا أني قلت على رؤساء الأشهاد {وكفى بالله شهيدا} خذ لنا أموالنا لما قال لي: "ما ذا أفعل بتندغة أبو الشرع بعثت إليهم فامتنعوا فمن ادعى علي بذلك فانقيادا لحكم الله تعالى بالرسن".
ومما مر معنا نلاحظ أن ابن متالي بوصفه محكما هنا يرى أنه يقدم رأيا فقهيا مستأنسا فيه بآراء العلماء وفقه البلاد السائبة وعرف أهل البلد الذي تعود أهله الاعتياض عن القتل قصاصا بالدية المغلطة ودرء الحدود بالشبهات.
وبما أننا في البحث السابق قد تكلمنا على رسالة محنض بابه التي عقب بها على نقض محمذن لولي بن اليعقوبي لحكمه بالقصاص في النازلة التندغية وأوردنا جملا من فحوى بالمعنى وجئنا برسالة ابن متالي كاملة لقصرها فإنه حري بنا الآن أن نقدم مقطعا من هذه الرسالة أي رسالة محمذن لولي بن اليعقوبي وذلك لما لها من أهمية علمية في هذا المجال إذ عمل محمذن لولي جاهدا على تأصيل تعطيل الفقهاء الموريتانيين لذلك الحد في نقضه حكم محنض بابه بالقصاص في النازلة التندغية فقال مخاطبا ابن اعبيد "... أنت تقول بعدم الأركان التي يشاد عليها القضاء وتقر بعدم الولاة والحكماة والقضاة وعموم الفساد والأحقاد وتحكم بين هذه الأجناد...[202].
فالمشهور في النازلة ـ كما علمت ـ في المذاهب الأربعة أن القتيل إذا لم يعرف قاتله إن كان ثم لوث أو كان في محلة أو قرية أعداء لا يخالطهم غيرهم أو ادعى الولي على معين حلف الأولياء خمسين يمينا على المدعى عليه وتأخذ الدية من عالقته إن ادعى عليه الخطأ وإن ادعى عليه العمد أخذت من ماله ولا قود عند أكثر المالكية والشافعي والمحققين وأحد قولي مالك ومذهب أحمد، وأحد قولي مالك لزوم القود في العمد... وأما قولك "ولا يكون عدم الانقياد لحكم الله تعالى بالقصاص حجة للممتنع منه" فهو مخالف لما عليه الأئمة من أن عدم التمكين من إقامة الحدود أو الخوف على الناس من إقامة الفتن يوجب المصير إلى ما يدرأ المفاسد مما أذن الشرع فيه وأمكن وهو مما أغنى عيانه عن بيانه أي معاينته حتى كأنه إجماع، إذ لا يكلف الله الشخص إلا ما استطاع فمن أتى بمقدوره مما كان من مأموره فلا حرج عليه في أموره وإلا فلا فرق في سائر الأحكام بين العامة والقادة والحكام..."[203]، وهذا نفسه هو عمل الشيخ محمد المامي وغيره من علماء هذه البلاد وهذا هو عين ارتكاب أخف المحرمين وهو قول إن لم يكن متفق عليه فقول وإن لم يكن قويا فضعيف يصار إليه عند الضرورة وإذا كان هذا الرأي قد جرى به العمل في عموم البلاد فإن بعض الفقهاء قد خرجوا على ذلك التقليد وشددوا النكير على القائلين به واعتبروهم معطلين لحد منصوص قرآنا.


سنناقش في هذا المبحث آراء متعددة لعلماء في نوازل قضائية معين ونعني هنا المراجعات التي دارت بين ذلك الجيل حول النازلة التندغية

1- رأي محنض بابه
الحمد لله وما توفيقي إلا بالله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وبعد فإن الله تعالى أعلم بمصالح عباده وقد شرع لهم القصاص لجلبه مصلحة الحياة لدرئه مفسدة العداء والفساد فمن تصدق به كان له كفارة يكفر تمكينه من نفسه.  ـ مما آتاه أو زاره، وأنزل ذلك في التوارة والإنجيل والفرقان وكرر حكم "من لم يحكم بما أنزل الله} من ذلك بإتقان وقد قضى نبينا عليه الصلاة والسلام وأخبر بالقسامة في الأنصاري الذي قتل بالخيبر وهذه الرسالة التي تشهد لصاحبها بطول باعه وكثرة علومه واطلاعه إنما تروم جعل ما شرع من القصاص حجرا محجورا فيكون بعد أن كتبه الله تعالى وأوجبه محظورا فنفت أولا القضاء في هذه البلاد بنفي أركانه التي عليها يشاد لعدم القضاة والولاة والجماة ثم خصصت القضاء الواقع في أمر ابن السالم بن الفاروق وكان جالبها بلغه أنه قضي فيه بشهادة لفيف فيه شاب تندغي وابن الشرقي الآبيد وابن الدقاق فأطلب في ذكر ما قيل في شهادة اللفيف من الإنكار والتخصيص والتضعيف ولو شاء لتثبت وتبين إن جاءه ذلك النبأ لعله صدر من فاسق يطعن فإن أمر ابن سالم إنما حكم فيه بعد تلومات في الاعذار بشهادة عدول من الزاويا لا تندغي فيهم شهدوا بالسماع الفاشي بحضرة جماعة من أهل الصف المشهود عليهم فلم يدعوا مدفعا إلا أنهم قالوا: إن شهادة السماع في اللوث شرطها طول الزمن  ـ كغير اللوث محتجين بما ذكرابن مرزوق فلما فتحوه ولم يشهد لهم قبلوا أن يحكم عليهم فوقع الحكم على معروف وهو "صف أركاكنه" ولمعروف وهو  "أولياء القتيل" في معروف وهو ثبوت القسامة بشهادة معروف وهو من شهد بحضرة المحكوم عليهم وقد ذكر ابن مرزوق والبناني أن شهادة من شهد على صف معين كالشهادة على رجل معين مع أنه إنما يحتاج لتعيين الصف الذي قتل إذا اختلط الصفان حين القتال فتضاربوا بالسيوف وتطاعنوا بالرماح وأما إن لم يختلطوا وإنما تراموا فلا خفاء أن القتيل إنما يصيبه صف عدوه.
ثم إن أرجح ما أول به قولها و"ليس في من قتل بين الصفين قسامة" فإن ذلك حيث لا تدوية ولا شاهد فقد ذكر ابن شاس عن محمد أنه رجع إليه ابن القاسم وأنه قول مالك وأشهب وابن عبد الحكم وأصبه وقيد ابن رشد خلاف شاهد بكونه من الفريقين فإن كان من غيرهما فلوث بلا كلام ذكره في ضيح.
وأما قضية اللؤلؤ في التدمية البيضاء فلا فائدة في ذكرها هنا وعلى تقدير أن من حكم في هذا الأمر لم يكن قاضيا فلا أقل من أن يكون محكما فيمضي حكمه إن كان صوابا فقد رضي بتحكيمه الخصمان والأمير المتغلب الذي جعل الفريقان الأمر بيده خيارا أو قهرا والقهر على ما اقتضاه الشرط يلزم...
ولا يكون عدم الانقياد لحكم الله تعالى بالقصاص، حجة للمتنع منه فلو كان التمرد على الأحكام حجة لبطلت الحقوق وفتح للظلم باب لا يسد.
فما أصاب تاشدبيت وفريق أدوعل وإيداب لحسن إنما أصابهم من عدم الأنقياد لحكم الله ولو انقادوا له لما وقع بينهم ما وقع والله أعلم بمصالح عباده منهم فقد قال عمر بن عبد العزيز: "إن لم تصلحهم السنة فلا أصلحتهم البدعة" ثم إن الذب عن من امتنع من الأحكام والاحتجاج له مما لا ينبغي كما في آية النهي عن  المجادلة عمن يختان نفسه، وكما في الآية الأخرى التي تبين أن الإنسان إن جادل عن غيره في الدنيا فمن سيجادل عنه يوم القيامة...
فأعوذ بالله من زمن تكون فيه السنة بدعة وينصر فيه الباطل ليغلب دين الله وشرعه ومع هذا فإني والحمد لله لا يتغير خاطري على من نقض ما حكمته في تلك القضية إن رآه منقوضا، وأما أنا فما أراني الله ما أنقضه به بل أرى نقضه من نصل البدع وإغراء لمن قدر على الظلم ولم يزعه الورع والسلام.
وأما محمذن لولي بن اليعقوبي فقد قدمنا نصه بالمعنى في المبحث الذي قبل هذا وهنا سنأتي برسالة محمد امبارك بشأن النازلة التندغية في الدماء.

2- استفتاء محمد امبارك بشأن النازلة التندغية في الدماء
أما بعد فمن مرسله المستمي آخرا إن شاء الله إلى جماعة القاضين محط رحال المستفتين والمتقاضين من جميع الأراضين عموما وخصوصا المصطفى ولد أحمدو فال وأحمد بن محمد... أزكى سلام وأتمه وأخصه وأعمه موجبه أن نازلة بنا ألمت جلت وطمت وعلينا غمت وهي أن باغية صالت وزحفت على فئة مظلومة إنذرت ولم تستطع هربا بهجوم العدو والضعف فرفع أمرها إلى القاضي فحكم بإهدار دم الزاحفة وزعم أن دم الدافعة عقل على الزاحفة مستندا في ذلك إلى كلام في ابن مرزوق نسبه لعياض في التنبيهات وزعمت العامة أن دم الدافعة قصاص في الزاحفة مستندة إلى ما في التوضيح أن المذهب اتفق على أن المتمالئين الحاضرين مباشرين أو متسببين يختص من جميعهم من ضرب ومن لم يضرب وعلى ما في قوانين ابن جزي ونصه: "تقتل الجماعة بالواحد خلافا للظاهرية فإن اقتص من بعضهم وعفي عن بعض عزر المعفو عنه بالضرب مائة والسجن عاما سواء في النفس أو الجراح ولم يكن خلاف غير هذا وهو ملتزم لذكر الخلاف العالي".
ورفعت إلى الشيخ سيديا فأجاب بما مضمونه ما وقفنا عليه من عامة شروح خليل متواطئون "أن دم الدافعة قصاص في الزاحفة ولهم القصاص من بعض والعفو  عن بعض والصلح مع بعض كما لابن هارون" وقعت فحكم فيها ابن متالي بأنها تمالؤ والزم القصاص وناقشه محنض بابه في ذلك فأجابه بما نصه: "لتعلم أن الظاهر ما استظهره البناني من قتل لجميع الجماعة الزاحفة لقتل واحد من الجماعة الدافعة"، ونصه: "وانظر إذا قتل واحد من الجماعة الدافعة هل يقتل به جميع الجماعة الزاحفة كما هو ظاهر لأنهم متمالئون"، وقد سأله محنض بابه عن النص على هذا فقال لم أهتم بشيء غير هذا لأن البناني أتم نظرا مع كثرة العلماء والكتب في أقليمه ولم يخالف. وربما يكون هذا إشارة من ابن متالي إلى أن كلام البناني يقرب من الإجماع داخل المذهب، ورفعت أيضا فأفتى فيها بالقصاص من كل الزاحفة ونسبه للرهوني وصورة ما قال قولي أن الرهوني سلم استظهار البناني من باب قول أهل الجماعة  أن المعتزلة أثبتوا المعاني في مسألة سواد حلاوة فليتأمل كلام الرهوني من اعتمده حق التأمل وما ذكرته إلا ليمعن من حكم النظر في حكم أفراده من خرج ومعه آلة قتل وأعملها، هل يسع من احتاط لدينه تقليد أن البلاد التي لا حاكم لها يجبر فيها ولي الدم على أخذ الدية ومن يجبر المظلوم مع عدم من يجبر الظالم مع أن الآيات متواطئ على أن من لم يحكم بما أنزل الله فهو من الكافرين وأيضا من الظالمين... فيا عجبا كتاب الله يناقش ما لا تصلحه السنة لا تصلح البدعة، تحسين العقول اعتزال ثم إن من ناقش القاضي، قاله أخبرني عن هذا أهو تعبد فأرني نصا على ذلك فعلى الرأس والرقبة أو تعليل فأبن لي العلة أو ادفعني لعالم أو كتاب بانت له فبينها أو نقل فهذا بالغ غاية الندور فلا يحكم به لندوره أبينوا لنا هل القول ما قال القاضي من الحكم بقول عياض مع شذوذه أو لا يسعه إلا ما انتشر في الكتب وحكم به الأماثل والسلام عليكم وعلى من اتبع الهدى.
تم سؤال جاهل عما جهله وهو أن الجرح إن كان مثلا لا قصاص فيه، كمأمومة هل يتكرر عقله في الزاحفة تكرر القصاص لجمع العلة أو لا يتكرر لكونه مالا المرسل... كاتب آخره[204].
محمد امبارك بن أبي بكر بن سعيد أسعدهم الله وجميع المسلمين بمنه وكرمه

كنا في ما مر معنا قد وقفنا على ذلك الرأي الذي يحد من صلاحيات المحكمين قانونيا أو قضائيا والآن بصدد إثبات أهليتهم القانونية واعتبارهم قضاة شرعيين كأسلافهم من القضاة في الأندلس والمشرق الإسلامي معتمدين على آراء متعددة لعلماء أجلاء وفقهاء أفذاذ ملخصين ذلك في ثلاثة مسائل.
الأولى: اعتدادهم بقضائهم والاحتجاج بما جرى عليه عملهم اعتدادا واحتجاجا يساويان الاعتداد والاحتجاج بقضاء القضاة من غيرهم وما جرى عليه عملهم ويظهر ذلك من مكتوب موقع من طرف الشيخ محمذن ولد محنض بابه[205]. ومسلما من طرف الشيخ محمذن فال بن متالي وصيغة المكتوب: مكتوب يعلم منه أن الذي عليه قضاة زوايا لمغافره فيما أعلم كأحمد ولد العاقل ومحنض باب ولد اعبيد وحرمه ولد عبد الجليل وغيرهم إلزام المتهم البينه إن وجد عنده لحم أو فرث أو غير ذلك من الأمارات أن اللحم أو غيره من غير ما ادعى متهمه أنه منه وإلا حلف متهمه أنه من شاته أو ناقته أو بقرته وغرم والحكم عندي بغير ما عليه عملهم منقوض فالظاهر من استدلال محنض بابه لعمل هؤلاء القضاة اعتبار قضاة هذه البلاد قضاة لا محكمين واعتبار قضائهم كقضاء سائر من تقدمهم من قضاة الإسلام والظاهر من تسليم محمذن فال بن متالي أنه يرى ما يراه محمذن من اعتبار ذلك.
الثانية: إجازة أحكام القضاة وذلك كما في نوازل محمد بن المختار باللعمش ونصه: رأيت حكما قضى به قاضي ودان محمد بن عبد الله بن أحمد الوداني رحمه الله تعالى بلزوم المداراة على ما اشتمل عليه ودان من قاطنها وطاريها وما انضاف إليهم وأن من لم يعطها منهم تأخذ منه كرها ويباع فيها ملكه شرعا وهذا ما لا شك فيه وما حكم به هذا القاضي المذكور حق وصواب رحمه الله تعالى فواضح من كلام ابن لعمش أنه يرى البلاد غير خالية من القضاة لإطلاقه لقب القاضي على الرجل وإنفاذ حكمه.
ومن طالع فتح الشكور وجد فيه تراجم لكثير من القضاة وذكر سيرهم في القضاء مما يرى أن مؤلفه كان يرى هو الآخر عدم خلو البلاد من خطة القضاء وكذلك من طالع تاريخ إمارة اترارزه للعلامة باكا[206] فيراه يترجم لهؤلاء القضاة ويصفهم بالقضاة العدول النادري المثل كما في ترجمته لأفراد من أسر أهل محنض بابه وأهل العاقل وأهل اتفاغ موسى.
ويقول الشيخ محنض بابه ولد اعبيد في إحدى رسائله إجازة لحكم سيد أحمد ولد محم وتسليما وإنكارا على من نقضه وتأثيما "فما حكم به سيد أحمد ولد محم من فسخ ذلك الشراء صواب وكذا حكمه بأن المرداني يبقى له ما أخذ من الحسن[207]..." والفتوى بنصها في المبحث الثالث في شأن انتيرمكاي وكذلك تسليم محمد محمود ولد حبيب الله ولقد القاضي للحكم الملحق بوثيقة محنض بابه بنفس المبحث.
الثالثة: إنكارهم على من تعرض لأحكام هؤلاء القضاة بالنقض فإنكار كل من هؤلاء الأجلاء أحمد بن العاقل ومحمد حرمه ولد عبد الجليل وأحمد ولد المختار ولد الطالب أجود على من نقض حكم الأمين ولد الماحي دليل على اعتبارهم أحكام القضاة نافذة يترتب عليها ما يترتب على حكم القاضي من وجوب العمل بحكمه وحرمة التعرض له بالنقض يقول أحمد بن العاقل: "وبعد فإن الأمين ولد الماحي عدل عالم ولا يتعقب حكمه ومن تجاسر عليه فتح على نفسه باب الانتقاد من جهة حفظ الشرع من أن يطرقه طارق أو يلم بساحته سارق ويقول حرمه ولد عبد الجليل... "وبعد فمن المعلوم أن حكم العدل لا يتعقب والأمين ابن الماحي عدل عالم[208]..." ويقول أحمد بن المختار بن الطالب أجود: "إني أيها الكتاب تأملت ما حكم به الأمين بن ماحي في شأن تلك الأمة... فإذا هو محفوف بالنصوص والقواعد لا يتسوره إلا عميان البصيرة أو معاندوا الشريعة لما أحاط به من الأسوار التي لا تتصور والتي من أهمها تمام عدالته وغزارة علمه وقوة فطنته[209] فهؤلاء الأجلاء يرون في نقض أحكام قضاة هذه البلاد من الإثم ما يترتب على نقض حكم القاضي في الإسلام من الإثم حيث ما كان وهذا الرأي يتضح أيضا مما ورد في رسالة الشيخ سيديا بن المختار بن الهيبه التي رد بها على رسالة محنض بابه في شأن النازلة الغلامية.
رابعا: أن التصدي والتعرض لنقد الأحكام بعد انبرامها حرام لإفضاء ذلك لرفع الثقة بالأحكام ولفوات مصلحة نصب الحكام كما أشار لهذا ابن مرزوق بقوله: "وإنما لا تنقض أحكام العدل لأنها لو نقضت لتسلسل النقض فلا يقف عند حد فترفع الثقة بالأحكام وتفوت مصلحة نصب الحكام[210].

إذا كان محنض بابه بن اعبيد قد استمات في رفض الإستلحاق في النازلة الغلامية ونقض حكم أحمد بن العاقل بشأنها كما تجلى ذلك في رسالته بهذا الخصوص إلى الشيخ سيديا الذي زكى حكم أحمد بن العاقل وقد رد أحمد بن العاقل على نقض محنض بابه لحكمه بحزم يعكس صرامة مواقف جيل الأمس الدينية والعلمية فقال: "...بعد المقدمة المعهودة وبعد فإن عبد الله الصالح محنض بابه ابن اعبيد إما أن يكون نافيا لاستلحاق محمدن ولد الكوري لابن أمته وإما أن يكون مثبتا له فالقضية مانعة جمع فإن كان قاطعا بنفي الاستلحاق توقف صدقه فيما قطع به على ما لا يمكن ضرورة، وهو ملازمته للمستلحق في جميع أجزاء زمانه: ليله ونهاره وأنه لم يفارقه وإلى الآن وكل كلام توقف صدقه على ما لا يمكن تهجور وزور، ولا يعذر بالجهل وهو مصرح بالعلم بسبب الحكم فيترتب عليه حد الفرية ولا تجوز الشافعة فيه بعد رفعه إلى الإمام كما نص النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك في سارق رداء صفوان ابن أمية وإن كان مثبتا للإستلحاق، وهو عالم بأن ابناء سيدي نافون له، فيتوقف صدقهم فيما قالوا على ما لا يمكن، وكل ما توقف صدقه على ما لا يمكن فهو جور وزور وظلم فيلزم الحاكم أن يزجره بما يراه وإن زاد على الحد أو أتى على النفس. ثم إن إسلاء السعير الذي وقع الوعيد به على آكل مال اليتيم ظلما، وقع الوعيد به أيضا على متلفه ظلما وكذا المعين على إتلافه والسلام على من اتبع الهدى وخالف النفس والهوى[211].
وتعكس المداولات بين العلماء بشأن النوازل القضائية أعلى صفات التواضع والوقوف عند الحق، وخير مثال على ذلك هذه الرسالة.
وكختام لهذا العمل نشير في الأخير إلى أن الموريتانيين اللذين تناولوا خليلا وشرحوه وخاصة أبواب الدماءات والقضاء فإنهم كذلك تناولوا متن العاصمية بالنظم والشرح ولامية الزقاق في القضاء ولم يمنعهم كل هذا من إيجاد إنتاج علمي  جديد يضيفونه إلى تلك الكتب التي عرفت بتخصصها في القضاء وفقهه فألفوا كتبا تنصبغ بصبغتهم وعليها خصوصية بلادهم السياسية والثقافية ومن أهمها[212]:
1.           البرد الموشى في بيان منع بيع الحكم والرشى للشيخ سيدي المختار الكنتي، وهو كتاب يفهم مضمونه من عنوانه.
2.           علم اليقين وسنن المتقين بحسم الإتاوة المزورة بحق المستحقين للشيخ سيدي محمد ولد الشيخ سيدي المختار الكنتي، وقد بين فيه صاحبه براءة والده وأمثاله من القضاة من التهم بأخذ الرشى.
3.           السيف المنتضى في الكلام على القضاء لإبن مايابا، وهو كتاب مخصص للقضاء وفقهه.
4.           طرد الضوال والهمل عن الركوع في حياض العمل للشيخ سيدي عبد الله ولد الحاج إبراهيم وهو كتاب يتحدث عن المجتهدين وأعلى درجات المفتين.
5.           رد الطرد للشيخ محمد المامي بن البخاري المباركي الشمشوي.


لقد من الله تبارك وتعالى علينا بإنجاز هذا العمل الذي تعهدنا بتقدمه في نهاية السنة الدراسية، وهو وإن كان عملا قاصرا إلا أنه مبلغ الجهد وكما يقال لا يلام المرء في مبلغ الجهد ولقد تطرقنا فيه بعد أن قدمنا له مقدمة متواضعة إلى بحث مسائل متعددة أهمها:
المسألة الأولى: وقد تطرقنا فيها إلى الحالة الدينية والسياسية التي كان سكان هذا البلد في القرن الثالث عشر وما مر به البلد من فترات ضعف ونهوض.
المسألة الثانية: مسألة السلطة التنفيذية في موريتانيا قبل الاستعمار وقد بحثنا فيها ما إذا كانت موجودة سلطة تنفيذية في هذا البلد رافضين وجود هذه السلطة في المسائل التي يتجلى فيها بوضوح غيابها ومثولها كمسائل الحدود مثلا.
المسألة الثالثة: تعرضنا للسلطة القضائية وبينا فيها كيف كانت الحالة القضائية لهذه البلاد.
المسألة الرابعة: قد أتينا بنبذ من المظاهر التي يتجلى فيها التجديد في القضاء الموريتاني.
المسألة الخامسة: وقد نبهنا من خلالها على علاقة القضاء بالمذهب المالكي وندرة خروجهم عليه وذلك من خلال نوادر قليلة خرجوا فيها على المذهب.
المسألة السادسة: بينا من خلالها نماذج متعددة لاستفتاءات القضائية والتي تعكس بصورة واضحة واقع جيل الأمس العلمي والثقافي.
المسألة السابعة: وقد تطرقنا من خلالها للقضاء العرفي "التحكيم" ورأينا آراء العلماء فيه وكيف أبوا نقض أحكام هؤلاء القضاة.
المسألة الثامنة: وفيها نلفت انتباه الباحثين إلى أنه هناك جوانب تتعلق بالقضاء ما زالت مغفلة من طرف الباحثين وخاصة ما يتعلق بالتوثيق.

وما كان في هذا البحث من تمام وصواب فمن الله تبارك وتعالى وتوفيقه وما كان فيه من نقص وخلل فمني ومن الشيطان وأرجو ممن وقف على خطإ فيه أن يصلحه والله يجزيه كامل الجزاء وأوفاه، ليتدارك هذا الخطأ في المستقبل إن شاء الله.
وأعوذ بالله أن أذكر به وأنساه، وأعوذ به أن كون جسرا يعبر منه غيري إلى الجنة ثم يرمى بي في النار.

وآخر دعوانا إن الحمد لله رب العالمين



أولا: الكتب الخاصة بالقضاء
v     تاريخ القضاء في موريتانيا من عهد المرابطين إلى الاستقلال "بحث من إنجاز المدرسة الوطنية للإدارة بالتعاون مع الأساتذة أحمد سالم ولد محمدو ومحمد المختارولد السعد ومحمد الحافظ ولد آكاه"  مطبوع بتونس 1989م.
v       تاريخ القضاء وكبريات النزاعات القضائية في موريتانيا الأستاذ محمدن ولد سيدي محمد ولد حمينه.
v       جمال صادق المرصفاوي نظام القضاء في الإسلام نشر جامع محمد بن سعود الإسلامية الرياض 1984م.
v       عبد الله أبو فارس كتاب القضاء في الإسلام الطبعة  الأولى 1978م
v       عبد الله ولد الحسن النباهي، تاريخ قضاة الأندلس طبعة أولى دار الآفاق الجديدة  بيروت 1983م
v       إدريس العلوي العبدلاوي التنظيم القضائي المغربي الجديد الطبعة الأولى 1975م
v       أبي بكر الحضرمي المرادي كتاب السياسة أو الإشارة في تدبير الإمارة تحقيق سامي النشار الطبعة الأولى 1981.
ثانيا: المخطوطات
Ø        مجموعة فتاوي محنض باب ولد اعبيد الكبرى والوسطى والصغرى مخطوطات بحوزتنا.
Ø        مجموعة فتاوي بن لعمش مخطوطة
Ø        مجموعة فتاوي حماه الله التيشيتي مصورة عن نسخة لأحمد بن سيد محمد.
Ø        مجموعة أجوبة بن متالي التي جمع الطبيب أوفى بن أبي بكر ثلاثة نسخ اثنتان مخطوطتان وواحدة مرقونة.
Ø        مجموعة فتاوي محمذن بن محنض بابه مخطوطة
Ø     مراسلات بين علماء المنقطة الجنوبية في القرن الثالث عشر في مسائل قضائية أهمها النازلة التندغية والمسألة الغلامية وبعض الفداءات ومسائل أخرى، ومن أهم هؤلاء العلماء محمذن فال بن متالي ولمجيدري ولد حبلله والشيخ سيدي ومحنض بابه.
Ø        مجموعة فتاوي أحمد ولد العاقل مخطوطة مصورة من نسخة لأهل أحمد يوره.
Ø        البرد الموشى في بيان منع بيع الحكم والرشى الشيخ سيد المختار الكنتي نسخة مخطوطة بحوزتنا مصورة عن نسخة لأهل المحبوبي.
Ø        علم اليقين وسنن المتقين بحسم الإتاوة المزورة بحق المتقين الشيخ سيد محمد ولد الشيخ سيدي المختار الكنتي مصور عن نسخة لزاوية الشيخ سيد المختار.
Ø        السيف المنتضى في الكلام على القضاء لمحمد الكرام ولد ميابه مصور من نسخة للزميل سيد محمد ولد عبد الله.
Ø        طرد الضوال والهمل سيدي عبد الله ولد الحاج إبراهيم مخطوط بمكتبتنا.
Ø        رد الطرد للشيخ محمد المامي ابن البخاري مخطوط بمكتبتنا.
Ø        دور المحاظر في التربية محمد المصطفى ولد الندى نسخة مصورة
Ø        عيون الإصابة في مناقب محنض بابه لميلود ولد المختار خي نسخة مصورة أتحفني بها أحمدو ولد المزروف مشكورا.
Ø     محاضرة المختار ولد حامد مع تعقيب للشيخ محمد سالم ولد عدود عن دور المحاظر في تكوين العلماء والقضاة في هذه البلاد صورة من نسخة مكروفيلم المعهد الموريتاني للبحث العلمي أتحفني بها زميلي ورفيق دربي محمد ولد سيدي مشكورا.
Ø        حدود ابن عرفه مخطوطة في مكتبتنا.
Ø        كتاب تاريخ إمارة اترارزة وأهم أمرائها وأعلامها لأحمد سالم ولد باكاه نسخة شخصية مصورة من مكتبة أهل باكاه.
ثالثا: الكتب العامة في التاريخ والتراجم مرتبة حسب ورودها في البحث


·          ابن خلدون المقدمة دار التونسية للنشر تونس 1984م، الجزء 1 ص: 78.
·          الأنيس المطرب بروض القرطاس في أخبار ملوك المغرب وتاريخ مدينة فاس دار المنصور للطباعة والوراقة 1973م
·          أحمد بن خالد الناصري الإستقصاء لأخبار دول المغرب الأقصى دار الكتاب الدار البيضاء المغرب 1956م.
·          أبو عبيد البكري المغرب في ذكر بلاد إفريقية والمغرب نشر مكتبة المثنى في بغداد
·          ابن عذاري المراكشي البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب تحقيق كولان وإليفي نشر دار الثقافة بيروت لبنان.
·          ابن خلدون عبد الرحمن العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر الطبعة مؤسسة العلمي للمطبوعات بيروت لبنان 1971م.
·          ابن حامدن المختار حياة موريتانيا الجزء الجغرافي والثقافي والسياسي مرقونة على الآلة.
·          ابن أنحوي الخليل بلاد شنقيط المنارة والرباط نشر المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم تونس 1987م.

الفقه
·          محمد البناني حاشية على شرح الزرقاني لمختصر خليل ابن إسحاق طبعة دار الفكر بيروت بدون تاريخ.
·          عالي بن عبد السلام التسولي البهجة على شرح التحفة  دار الفكر لبنان 1982م.
·          العدوي الشيخ عالي حاشية على شرح الخرشي لمختصر خليل دار الفكر 1317هـ ثمانية أجزاء في أربعة مجلدات.
·          القرافي شهاب الدين.
·          الأحكام في تمييز الفتاوى  عن الأحكام وتصرفات القاضي والإمام الطبعة الحجرية  المغرب 1984م.
·          مختصر العلامة خليل ابن إسحاق المالكي تحقيق أحمد جاد دار الحديث القاهرة.
·          الدكتور وهب الزحيلي الفقه الإسلامي وأدلته ستة أجزاء دار الفكر.
·          الدكتور وهب الزحيلي نظرية الضمان في الإسلام دار الفكر.
·          القرافي المالكي الذخيرة الطبعة الأولى دار الغرب الإسلامي 1981م.
·          القرافي المالكي الفروق الطبعة الثانية دار الكتاب اللبنانية بيروت 1984م.
·          عمر الجيدي محاضرات في تاريخ المذهب المالكي في الغرب الإسلامي طبعة  منقحة مطبقة النجاح الجديدة بدون تاريخ.
·          اللقاني منار أصول الفتوى وقواعد الإفتاء بالأقوى دار الأحباب للطباعة والنشر والتوزيع بيروت تحقيق الشيخ زياد محمد محمود أحميدان الطبعة  الأولى 1992م.
·          الهلالي "سيد أحمد بن عبد العزيز"، نور البصر في شرح المختصر مطبعة فاس الحجرية  1309هـ. 
·          ابن هلال النوازل تصحيح وتحقيق الفقيه الشريف سيدي المهدي الوازاني العمراني الطبعة الحجرية 260 صفحة فاس بتاريخ 1310هـ.
·          حاشية على خطبة المختصر بهامش كتاب نور البصر مطبعة فاس الحجرية 1309هـ.
·          نظم بوطليحية للنابغة الغلاوي تحقيق يحي ولد البراء مؤسسة الريان للطباعة والنشر سنة 2002م.
·          رسالة اللفعة المؤلف الشيخ محمد اليدالي تحقيق محمذن ولد باباه الناشر دار الرضوان.
·          البناني الفتح الرباني في ما ذهل عن الزرقاني ثمانية أجزاء وقد طبعت  بحاشيته الرزقاني على المختصر في أربعة  مجلدات بدار الفكر لبنان 1978م.
·          مواهب الجليل محمد بن عبد الرحمن المغربي شرح مختصر خليل طبعة دار الفكر 1370هـ في ستة أجزاء.

كتب الحديث: 
-         المسند أحمد بن حنبل ثمان مجلدات  دار الفكر بيروت بدون تاريخ.
-         عارضة  الأحوذي شرح سنن الترمذي، لابن العربي المالكي دار الصفاء مصر بدون تاريخ. 

اللغة:
o         ابن منظور لسان العرب دار صادر بيروت لنبان.
o         القاموس المحيط الفيروس أبادي المكتبة التجارية الكبرى القاهرة 1967هـ
التراجم:
o         أحمد بن الأمين الوسيط في تراجم أدباء شنقيط الطبعة الرابعة الخانجي القاهرة 1994م.
الأطروحات والرسائل الجامعية:
o         إمارة اترازرة وعلاقتها مع الفرنسيين من 1307 إلى 1860م، محمد المختار ولد السعد أطروحة دكتوراه دولة منشورة بمعهد الدراسات الإفرقية 2002م.
o         الحركة  الفكرية في بلاد شنقيط خلال القرنين الحادي والثاني عشر "السابع عشر والثامن عشر" بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا من جامعة محمد الخامس بالرباط 1992م.
o         الشعر الشنقيط في القرن الثالث عشر أحمدو ولد الحسن "جمال" أطروحة دكتوراه دولة من الجامعة التونسية منشورات اليونسكو
o         مكانة  أصول الفقه في الثقافة المحظرية رسالة  تخرج بالمعهد العالي للدراسات والبحوث الإسلامية إعداد الطالب محمد محفوظ ولد أحمد 1987م.
o         تاريخ القضاء في موريتانيا قبل دخول في الاستعمار من عهد المرابطين وحتى الاستقلال إعداد الطالب محمذن باب ولد عبد الله 1983م، المعهد العالي للدراسات والبحوث الإسلامية.
o         نظرة تاريخية إلى شرببه محمد المختار ولد السعد المدرسة العليا للتعليم 1984م.
o      مذكرة تخرج محمد ولد محمد ولد آبه عن ظاهرة الفداء في منقطة  اترارزة  خلال القرن 19م 12هـ بحث لنيل شهادة المتريز قسم التاريخ كلية الآداب والعلوم الإنسانية جامعة نواكشوط سنة الجامعية 1988-1989م.
o      مذكرة تخرج المختار ولد انداري عن الحياة الاقتصادي والاجتماعية في اترارزة  من 1770-1820م من خلال فتاوي أحمد ولد العاقل قسمة التاريخ كلية الآداب والعلوم الإنسانية جامعة نواكشوط 1989 – 1990م. 
o      مذكرة تخرج محمد ولد سيد أحمد عن مؤسسة الأحباس الموريتانية من خلال نماذج من فتاوى علماء القرنين الثامن عشر والتاسع عشر قسم التاريخ كلية الآداب بجامعة نواكشوط 1991-1992م، وكل هذه المذكرات بإشراف الأستاذ محمد المختار ولد السعد.
كتب عامة:
يحي ولد البراء الفقه والسلطة والمجتمع نشر المعهد الموريتاني للبحث العلمي نواكشوط 1994م.
الفتاوى والتاريخ محمد المختار ولد السعد منشورات المكتب العربي للتراث 2000هـ.
الإمارات والمجال الأميري محمد المختار ولد السعد منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة نواكشوط.
المراجع الأجنبية
-          poul marty Etude sur Islam et les vibus Moures Emarat du Brakna
-          Maliki kisme en Mauritanie la li térature juridique et l’evolution unsco ; cités mémoires  de sert paris 1985
-          Chri stien vanacker : Mauritanie jusqu’au xx ésieécle : introducion à la Mauritanie
-          En syclo pedie Français la Rosse, paris
-         مع الاعتماد على كتاب الرحلة لفينصاه مترجم نسخة شخصية أتحفني بها زميلي محمدو ولد محمد المختار الدارس بالمغرب دارسات عليا في التاريخ الموريتاني مشكورا.
المقابلات  الشخصية:
مقابلتان شخصيتان مع محمدن بن سيدي محمد بن حمينه الباحث في مجال التاريخ الموريتاني والتاريخ القضائي خاصة.
الأولى: بتاريخ 16/02/2011 بمكتبه بتيارت ومدتها ساعتين وخمستة عشر دقيقة.
الثانية: بتاريخ: 28/04/2011 بمكتبه بتيارت ومدتها ساعة وعشرين دقيقة، فله مني جزيل الشكر وموفور الامتنان.
مقابلتان شخصيتان مع محمد فال بن عبد اللطيف الباحث والمؤرخ الكبير المؤلف في السير والفقه والأصول والمهتم بالفتاوى منذ زمن بعيد .
الأولى: بمكتبه بوزارة الداخلية منتصف الشهر الأول من 2011 ومدتها ساعة  وعشر دقائق.
الثانية: بتاريخ 27/02/2011 بمنزله بنواكشوط ومدتها ساعتان وثلاثين دقيقة هذا بالإضافة إلى مقابلات مع شخصيات أخرى لم أذكرها.

ملاحظة
مع الاعتماد على كتب غير هذا كثيرة


[1] - سورة البقرة، الآية: 235.
[2] - محمد محمود ولد إتلاميد التركزي أحد علماء البلاد الأفذاذ رحل إلى المشرق لأداء فريضة الحج ثم قضا خمسا وعشرون سنة في السعودية مدرسا بها ثم رحل إلى مصر وأقام بها له عدة مؤلفات من أهمها الرحلة.
[3] - الشيخ محمد حبيب الله ولد ما يابا الشهير بالأزهري وإمام الحرمين أحد أكابر علماء البلاد الموسعويين الذين حملوا مشعلة العلم والثقافة إلى المشرق وهو جكني من أهم آثاره زاد المسلم فيما اتفق عليه البخاري ومسلم وفتح المنعم شرح زاد المسلم
[4] - الشيخ محمد الأمين ولد محمد المختار الشنقيطي الملقب آبه الجكني آخر العلماء الموسوعيين الموريتانيين الذين حملوا مشعل
 الثقافة إلى  المشرق أخذ عن لمرابط أمود الجكني وعن أهل الشيخ الحسين له عدة مؤلفات من أهمها أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن نثر الورود على مراقي السعود مذكرة أصول الفقه على روضة الناظر وأظن أنها من إعداد طلابه ومذكرة الفقه.
[5] - للاطلاع على معلومات كافية عن إطلاق هذا الاسم يرجع إلى مذكرات المستشرقين الفرنسين الذين زاروا موريتانيا فينصاه الرحلة ص: 447
[6] - لمتونة وأكدالة ومسوفة قبائل من صنهاجة  من بربر اللثام تنمي في الأصول إلى حمير على المشهور من أقوال أهل النسب فيهم، تعاقبت على حكم الصحراء وأسست دولة المرابطين
[7] - شنقيط المنارة والرباط للخليل النحوي ص 19.
[8] - يحي بن عمر ثاني أمراء المرابطين سيأتي الحديث عنه بالتفصيل إن شاء الله تعالى.
[9] - فتح الشكور في معرفة علماء التكرور وهو كتاب يهتم بتراجم علماء هذه البلاد لمؤلفه محمد بن أبي بكر الصديق البرتلي من أهم علماء البلاد توفي 1219هـ مازال هذا الكتاب معتمدا من طرف الباحثين لأنه من أول الكتب التي اهتمت بتراجم الأعلام الموريتانية.
[10] - أحماه الله الملقب انباله المسلمي التشيتي المتوفاه 1280هـ مشهور بفتاويه التي تناولت  مختلف جوانب الفقه 
[11] - نعني كتابه "إرشاد الحكام إلى الأحكام فيما يزعم أهل تيشيت من الخصام" لمؤلفه حماه الله بن محمد الملقب انباله.
[12] - سيأتي التعريف به لا حقا إن شاء الله تعالى.
[13] - سيدي عبد الله بن الحاج إبراهيم عالم جليل ومؤلف كبير رحل إلى الحج وجاء بذخائر ونفائس الكتب استقضاه محمد ولد محمد شين وتوفي  1233 هـ له نشر البنود ومراقي السعود ونور الآقاح وطلعة الأنوار مجموعة فتاوي حققها محمد الأمين ولد محمد بيبه العلوي
[14] - أحمد بن الأمين العلوي نزيل القاهرة وبها توفي 1331هـ مؤلف كتاب الوسيط في تراجم أدباء شنقيط والذي يعتبر من أقدم كتب تراجم الأعلام في هذه البلاد.
[15] - ستأتي ترجمته لاحقا
[16] - أحمدو ولد محمد عبد الله ولد الحسن الفاضلي يعرف بجمال رحمه الله هو الكتاب والشاعر والمترجم والأديب يعتبر ظاهرة نادرة المثل في الحفظ والذكاء حصل على دكتوراه من الجامعة التونسية بدرجة امتياز في الآداب وذلك تقديرا "لأطروحته الشعر الشنقيطي في القرن الثالث عشر هـ" بالإضافة إلى كل هذا قارئ متقن. عمل في هيئات عربية وثقافية متعددة حقق الكثير من التراث الثقافي أعدت عنه عدة رسائل تخرج جامعية.
[17] - ستأتي ترجمته لاحقا
[18] - محمد مولود ولد غشممت عالم جليل من قبيلة المجلس "مدلش" توفي 1327هـ من مؤلفاته نظم في الطهارة وآخر في مخارج الحروف.
[19] - الشيخ محمد المامي الشمشوي أحد أجلاء علماء البلاد وفقهائها الكبار ألف مائة كتاب في الأصول ألف بالعربية والحسانية له كتاب البادية وجمان البادية والدولاب والميزابية واسمه محمد المامي بن البخاري وكان يدعوا للجهاد وإقامة الإمامة الكبرى توفي 1282هـ
[20] - للمزيد من المعلومات عن علاقة الفقه بالسلطة يراجع كتاب الاعتصام للشاطبي أو الأحكام السلطانيه للماوردي
[21] - ولأهمية نصب الإمام عند علماء هذه البلاد والذين هم خير خلف لخير سلف من علماء المالكية والأشاعرة فقد جعلوا باب الإمامة العظمى مع العقائد في أصول الدين. انظر الإضاءة وشروحها. 
[22] - عبد الله بن ياسين الخزولي الجزولي أسس رباطه المشهور وآوت إليه الناس للعلم والعمل والتدين حتى بلغوا ألف شخص دعا إلى جهاد صنهاجة وسمى أتباعه المرابطين.
[23] - انظر البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب لابن عذارى المراكشي جزء 4 قسم الموحدين نشر أوتي ميراندا ومحمد تاويت التطواني وإبراهيم الكتاني الرباط، 1963م، ص: 428- 433
[24] - ناصر الدين هو أبو بكر أبن أبهم إمام الدولة الناصرية وقائد شٌرببه قام بفتوحات ضد السودان الوثنيين في الجنوب واستشهد في وقعة ترتلاس 1084هـ
[25] - انظر أمر الولي ناصر الدين لمحمد اليدالي تحقيق الدكتور محمذن ولد باباه ص:12، أو حرب شرببه لول السعد ص:23
[26] - عالم ومؤرخ من قبيلة  لمتونه من أهل القرن  الثالث عشر الهجري معاصر للشيخ سيديا بن المختار بن الهيبه ولعله من الآخذين عنه.
[27] - نوازل ابن هلال مخطوط في مكتبتنا
[28] - الدر النثير على أجوبة أبي الحسن الصغير الزويلي المتوفى 719هـ وهو كتاب شرح فيه ابن هلال أجوبة أبي الحسن الصغير وقد طبع على الحجر مرتين بفاس الأولى في 464 صفحة والثانية في 528 صفحة يقول ابن السالك وقد رأيت له من التحقيق في دره النثير ونوازله ما لم أره لغيره عون  المحتسب ابن السالك. ويقول أيضا: وأما أجوبة أبي الحسن الصغير جمعها تلميذه التسولي وشرحها ابن هلال بالدر النثير وكيفية شرحه لها أنه يأتي بالسؤال والجواب من أبي الحسن ثم يقول قلت وينقل من كلام أئمة المذهب ما يوافق فتوى الشيخ أبي الحسن ويزيد ولا أعرف كتابا في المذهب المالكي أحسن من دره النثير عون المحتسب ص 82.
[29] - سورة الإسراء الآية 23.
[30] - سورة الإسراء الآية 04.
[31] - سورة مريم الآية 34.
[32] - سورة البقرة الآية 199.
[33] - سورة فصلت الآية 11.
[34] - سورة يونس الآية 71.
[35] - سورة  القصص الآية 14.
[36] - ابن منظور جمال الدين محمد بن مكرم لسان العرب ط دار صادر الجزء السادس، ص: 471
[37] - تدل على ذلك قصة ابني آدم عليه السلام في القرآن الكريم سورة المائدة الآية 27 – 31 ومن حكم المتنبي المؤيدة لذلك قوله:
الظلم من شيم النفوس فإن تجد


ذا عفة فلعلة لا يظلم


[38] - ابن خلدون عبد الرحمن المقدمة الدار التونسية للنشر 1984 الجزء 1 ص 78.
[39] - الفتيا والفتوى بمعنى واحد وهي الإخبار بالحكم ا لشرعي لا على وجه الإلزام انظر تبصرة ابن فرحون.
[40] -انظر كتاب القضاء في الإسلام للدكتور عبد القادر أبو فارس الطبعة الأولى 1978 ص 6 وكتاب نظام القضاء في الإسلام لإدريس العلوي العبدلاول ص 8 ط 1984 بتونس.
[41] - انظر القضاء في الإسلام مرجع سبق ذكره ص 14
[42] - انظر ابن فرحون بالتبصرة ص 12 الجزء 1، بهامش فتح العالي المالكي
[43] - المصدر السابق ص 12 الجزء 1.
[44] - انظر حدود ابن عرفه مخطوط بمكتبتنا ص: 3
[45] - راجع كيفية تولية القضاة في موريتانيا في هذا البحث في المبحث الموالي .
[46] – سورة المائدة الآية 50
[47] – سورة  الأنبياء الآية 73.
[48] - انظر شراح خليل عند قوله: "أهل القضاء عدل ذكر فطن مجتهد إن وجد وإلا فأمثل مقلد" الزرقاني الجزء الثالث، ص: 311
[49] - انظر شروط الإمام الأعظم لشروح القرآن عند شرح آيات الخلافة في سورة البقرة ومباحث الولاية في كتب الفقه عند ذكر شروط الإمام كالإعتصام للشاطبي، ص: 84
[50] – انظر كلام العلماء في شرح الحديث لا يقضي القاضي حين يقضي وهو غضبان عارضة الأحوذي الجزء السادس ص: 412.
[51] – جمال صادق المرصفاوي نظام القضاء في الإسلام من ص 11-35.
[52] – الوسيط 478 مكتبة الخانجي القاهرة
[53] – الوسيط في تراجم أدباء شنقيط، ص: 487، مكتبة الخانجي القاهرة.
[54] – زيادة مني للتوضيح
[55] - هو العالم العلامة باب ولد الشيخ سيديا الإنتشائي عالم جليل وأديب كبير من مجموعة أولاد أبيري من أبرز علماء البلاد توفي 1342.ٍ
[56] - الشيخ سيد محمد ولد الشيخ سيدي الكبير الإنتشائ عالم جليل وأديب كبير دعى للجهاد في شعره توفي 1286.
[57] - الحياة الثقافية ص 187
[58] - إمارة اترارزة وعلاقتها التجارية مع الفرنسيين ص 228 نقلا عن ولد حامد
[59] - الوسيط في تراجم أدباء شنقيط ص: 501
[60] – مذكرة تخرج القاضي محمذن باب ولد عبد الله  تحت عنوان القضاء في موريتانيا قبل دخول الاستعمار ص: 27 مذكرة تخرج بالمعهد العالي للدرسات والبحوث الإسلامية السنة الجامعية 1983م.

[61] - انظر شراح خليل عند ذلك المحل كالزرقاني  الجزء الثالث، ص: 415
[62] –عيون الإصابة  في مناقب محنض باب لميلود ولد المختار خي نسخة مخطوطة أتحفني بها أحمدو ولد المزروف مشكورا
[63] - ميلود ولد المختار خي المصدر السابق مخطوط.
[64] -  مذكرة تخرج القاضي محمذن باب ولد عبد الله ص 28.
[65] - أسرة من قبيلة الأغلال الزاوية تولت قضاء شنقيط
[66] - أسرة من قبيلة الأغلال الزاوية تولت قضاء شنقيط
[67] - أسرة من قبيلة الأغلال الزاوية تولت قضاء شنقيط
[68] - هو القاضي سدين ولد برو ضرب به المثل في القضاء وفصل النزاعات وذلك لخبرته بشؤون العقار والقدرة على حل مشاكل الأرض ويضرب هذا المثل للأمر المستعصي عند أهل آدرار 
[69] - يحظيه ولد عبد الودود  الجكني نسبا الكناني موطنا صاحب مدرسة درس فيها جيل القرن الرابع عشر من العلماء في مناطق بعض البلاد ولقب سبويه موريتانيا لمهارته في علم النحو توفية 1358هـ. 
[70] - هو أحد قضاة المجموعة الشمشوية من قبيلة اليعقوبيين تولى قضاء الإمارة عرف بالصرامة في القضاء وكان لا يخشى فيه سلطان ذي سلطان ولا ذي جاه لم أقف على تاريخ وفاته.
[71] - الكلام هنا منقول عن مذكرة تخرج القاضي محمذن باب ولد عبد الله ولقد عزاه لمقابلة أجراها مع المختار ولد محمد موسى الأستاذ بمدرسة تكوين المعملين العليا آنذاك.
[72]  ـ أعمر بن المختار بن الشرغي بن اعلي شنظورة أمير اترارزة من (1215هـ 1800م إلى 1245ـ 1829م) كان أول أمير من فرع أعل شنظورة الأصغر وقد دارت بينه صراعات متعددة مع الفرنسيين وأحبط محاولاته المتكررة في تطبيق برنامج الاستعمار الزراعي على الضفة الجنوبية لنهر السينغال عرفت إمارته في عهده بداية تفككها الداخلي فكان الصراع محتمدا بينه وبعض أبناء عمومته على السلطة.
[73] - محمد النابغة بن عمر الغلاوي 1245 هـ عالم مؤلف جال في طلب العلم وأخذ عن أحمد بن العاقل وعبد الله بن الحاج حماه الله الغلاوي واستقضاه الأمير اعمر بن المختار  له مؤلفات عدة وفتاوى وأحكام منها نظم في الردة ونظم بوطلحيه ومسألة التندغية.
[74] - هو عبد الرحمن بن هرمز أحد أشياخ الإمام مالك الحجازيين عرف بالعلم والورع والزهد رحمه الله تعالى 
[75] - هو أبو عبد الله مولى عبد الله بن عمر ابن الخطاط القرشي العدوي قيل كان اسم أبيه هرمز وقيل طاووس قال عنه الذهبي من أئمة التابعين وأعلامهم توفي 117 هـ
[76] - هو محمد بن شهاب الزهري عرف بالتبحر في علم السير والفقه أحد الأئمة الأعلام رحمه الله.
[77] - ابن القاسم هو عبد الرحمن بن خالد بن جنادة العتقي قدوة المالكية في مصر والمغرب اشتهر بابن القاسم ولد بمصر ولازم الإمام مالكا رحمه الله وكان من أكبر تلاميذته جمع بين العلم والزهد له كتاب المدونة في ستة عشر جزءا من مروياته عن مالك توفي بمصر 191هـ
[78] - الذخيرة للقرافي الجزء السادس ص :13
[79] - انظر تحقيق بوطليحية للدكتور يحي ولد البراء أطال الله عمره ص: 76
[80] - انظر تاريخ القضاء في موريتانيا محمدن ولد سيد محمد ولد حمينه، ص: 75 أو مكانة أصول الفقه في الثقافة المحظرية الموريتانية محمد محفوظ  ولد أحمد ص: 90
[81] - انظر محاضرات في الفقه المالكي وفي الغرب الإسلامي للدكتور عمر الجيدي ص 26.  طبعة منقحة مطبعة النجاح الجديدة.
[82] ـ أبو عمران بن موسى بن عيسى بن أبي حاج الغفبجومي من قبيلة زنانة نشأ في فاس ودرس بها أولا ثم سافر إلى القيروان وقرطبة وبغداد في طلب العلم تضايق منه أهل فاس بسبب آرائه الإصلاحية ورحل إلى القيروان وبها أقام حتى توفي 430.
[83]  وجاج بن زلو اللمطي من أهل السوس عالم كبير درس في فاس وكان من أكبر تلاميذة ابن عمران الفاسي أقام مدرسته في نفيس بالسوس وكان من تلاميذة عبد الله بن ياسين وقد توفي في منتصف القرن الخامس الهجري
[84]  أبوبكر بن عمر القائد المرابطي والمجاهدي الكبير أبوبكر بن عمر اللمتوني مؤسس دولة المرابطين الأولى وقائد جيوشها في المغرب والصحراء لقب أمير الحق ولي الأمر بعد يحي بن إبراهيم وفتح المغرب ثم أعاد إلى الصحراء وجاهد في سبيل الله حتى استشهد في منقطة تكانت بوسط موريتانيا سنة 480هـ
[85] - انظر موسوعة  المختار بن حامدن الجزء الثقافي، ص: 213 والمنارة والرباط الخليل النحوي، ص: 413
[86] - انظر تاريخ القضاء مرجع سبق ذكره ص 76-77-78.
[87] - التبكتي هو أحمد باب التنبكتي أحد العلماء الأفذاذ له اليد الطولى في علم الفقه وأصوله له شرح نادر المثل على خليل وله ذيل الابتهاج وتنبيه الواقف على مسألة نية الحالف 1036هـ 
[88] - خليل بن إسحاق المالكي هو أبو المودة ضياء الدين الجندي، خليل بن إسحاق بن موسى بن شعيب فقيه مالكي مصري مشارك في علوم العربية والحديث والفرائض والأصول والجدل أقام بالقاهرة وجوار بمكة وولي الإفتاء على مذهب مالك وكان مقدما فيه وله مؤلفات منها المختصر والتوضيح في الفقه وشرح مختصر ابن الحاجب في ستة مجلدات وشرح على المدونة ولم يكمله ومناقب شيخه الشيخ عبد الله المنوفي ومناسك الحج توفي رحمه 776 هـ
[89] - انظر عبد الباقي الزرقاني على حاشية اللقاني على خطبة خليل الجزء الأول، ص: 213
[90] ـ نظر عبد الباقي الزرقاني على حاشية اللقاني على خطبة خليل ص 149
[91] ـ انظر نور البصر ص 147
[92]  نور البصر ص 47
[93] - الهلالي هو أبو العباس أحمد بن عبد العزيز بن رشد بن محمد بن عبد العزيز السجلماسي المالكي المعروف بالهلالي من أحفاد أبي إسحاق ابن إبراهيم بن هلال صاحب النوازل عالم وشاعر ولد 1113هـ بسجلماس ورحل إلى مكة ثم عاد إلى سجلماس وتوفي بها سنة 1175هـ له مؤلفات عدة منها المراهم في أحكام الدراهم شرح الصدر في التوسل بأهل بدر والزواهر الأفقية على الجواهر المنطقية ونور البصر في شرح المختصر. 
[94] - نور البصر ص 156.
[95] - المدونة هي أصح كتب الفروع في الفقه المالكي رواية وأصلها كتاب الأسدية وهي مسائل دونها أسد بن الفرات المتوفى 213هـ أحد تلامذة  الإمام مالك بالتلقي عن ابن القاسم غيرأن ابن القاسم رجع عن أشياء كان أفتى بها أسدا فكانت المدونة هي ما كتبه سحنون المتوفى 240 هـ عن ابن القاسم من تحريرات وتصحيحات في الأسدية ولقد نظر سحنون بعد ذلك في المدونة بعد أن استوثق من رواية ما هو رواية منها وما هو رأي مخرج على أصول مالك فرتبها وهذهبها وزاد عليها خلاف  أصحاب مالك له وذيل أبوابها بالحديث والآثار فكانت المدونة إذا تجميع  لأراء مالك المروية عنه والمخرجة على أصوله وبعض آراء أصحابه وبعض الآثار والآحاديث الواردة في مسائل الفقه التي اشتملت عليها وتعتبر المدونة الأصل الثاني للفقه المالكي وأهم أمهات الأربع المعروفة.
[96] - العلامة المختار ابن حامد الشاعر والأديب والكاتب المؤرخ حفيد محنض باب ولد اعبيد الديماني لقب ابن خلدون مويتانيا لما بذل من الجهد والبحث في إحياء وجمع وتدوين تاريخ البلاد وحياتها السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية جمع ذلك بمجهوده في أصعب الظروف وتفرغ لتدوينه بدار الثقافة في أثنى عشر  مجلدا ضخما "موسوعة حياة موريتانيا " كان فوق ذلك شاعرا وكاتبا مبدعا وعالما موسوعيا وكما طغت شهرته بالأدب على علمه تكاد شهرته بالتاريخ تطغى على الاثنين معا ولد عام 1315هـ وتوفي مواجرا في المدينة في غرة المحرم 1414هـ رحمه الله.

[97] - إسمه ميسر الجليل شرح مختصر خليل: "فيه تحقيقات لم يسبق لها طبع مؤخرا في مجلدين ضخمين"

[98] - انظر مقدمة الميسر على ترجمة محنض باب في أو عيون الإصابة في مناقب محنض باب مخطوط في حوزتنا أو حياة موريتانيا الجزء السادس عشر الخاص ببعض المجموعات الشمسوية ص 133-144 تصحيح ومقابلة الدكتور يحي ولد البراء والاستاذ الحسين ولد محنض
[99] - هو ذلك الفقيه الذي يتمكن من تخريج الوجوه التي يبديه باستنباطه على أصول إمامه في المسائل وذلك بأن يكون أحاط بمآخذ إمامه وأدلته ووجوه تصرفه في قواعده التي أصلها باجتهاده «اللقاني ، منار أهل الفتوى، وقواعد الإفتاء بالأقوى ص: 175» ويمثل له بابن القاسم.

[100] - المجتهد المطلق وهو الفقيه المتبحر ولتحققه شروط عدة قال عنها اللقاني ما نصه «منها البلوغ والعقل وفقه النفس والمعرفة بالدليل وهو البراءة الأصلية وأن يكون متمكنا من استنباط الأحكام الشرعية ولا يحصل هذا التمكن إلا بمعرفة أمور هي أولا كتاب الله تعالى ولا يشترط معرفته جميعه بل يكفي أن يعرف منه ما يتعلق بالأحكام وهو 500 آية وثانيا سن الرسول صلى الله عليه وسلم وثالثا إجماع فنبيي له أن يعرف المسائل المجمع عليها حتى لا يفتي بخلاف الإجماع وليس المراد حفظ تلك المسائل ورابعا القياس فلا بد أن يعرفه وأن يعرف شرائط المعتبرة لأنه قاعدة الاجتهاد وخامسا كيفية النظر فيشترط أن يعرف شرائط الحدود والبراهين وكيفية ترتيب مقدماتها واستنتاج  المطلوب منها ليأمن من الخطأ وسادها علم العربية لأن الأدلة من الكتاب والسنة في اللغة العربية وسابعا الناسخ والمنسوخ والقرآن والسن وثامنا حال الرواة من القوة والضعف وطرق الجرح والتعديل وتاسعا أسباب النزول وعاشرا شروط الشروط التواتر والآحاد» «منارة أهل الفتوى وقواعد الأفتاء بالاقوى ص:173-174» ويمثلون له بمالك بن أنس رحمه الله.
[101] - الحديث المشار إليه "لا تزال طائفة من ِأمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي الله بالحق" المسند لأحمد بن حنبل، الجزء السادس، الرقم: 16823، مطبعة الصفاء، القاهرة، تحقيق أحمد محمد شاكي رحمه الله،
[102] - محمذن ولد محنض باب ولد أعبيد عالم ومفتي وشاعر تولى القضاء بمنطقة اترارز بعد أبيه له مجموعة فتاوى توفي 1319هـ وتولى بعده القضاء ابنه حامد.
[103] - الزوايا سبق التعريف بهم

[104] ـ فتاوى محمذن ولد محنض بابه مخطوط بحوزتي ص: 3 وإمارة اترارزة وعلاقاتها التجارية والسياسية مع الفرنسيين محمد المختار ولد السعد الجزء الأول ص: 320.
[105] - نوازل ابن هلال بمكتبتنا ص: 37.

[106] - فتوى موجودة لدينا نسخة منها مصورة عن نسخة القاضي سيلوم ولد المزروف

[107]- عالم وشيخ صوفي جليل جمع بين الحقيقة والشريعة أكثر من التصنيف خلف أباه على الطريقة القادرية له أنظام في الفقه والسريرة والوعظ ونظم ورقات إمام الحرمين في الأصول توفي سنة 1226.

[108] - فتوى موجودة لدينا نسخة منها مصورة عن نسخة لأحمد محمد ابياه
[109] - لولي ابن اليعقوبي أحد علماء وشعراء تندغ له مناظرات مع بعض قضاة عصره بموجب بعض النزاعات توفي 1277هـ وينتهي نسبه إلى الشرف تندغي الوطن
[110] - محمد لحبيب أحد أمراء اترارزه البارزين خلف أباه عمر ولد المختار على الإمارة وخلفه عليها ابنه سيدي ولد محمد لحبيب  مات مغدورا سنة 1277هـ في شهر واحد هو ومحنض بابه ولد أعبيد.
[111] - سورة الحجرات الآية 09

[112] - الفتاوى نسخة مخطوطة بحوزتي
[113] ـ  فتاوي محنض بابه الكبرى مخطوطه بحوزتي ص: 17، الفتاوى والتاريخ لمحمد المختار ولد السعد ص: 128.
[114] - يقول ولد السعد إنه لم يعثر لهذه الفتوى على مشابهه في موضعها رغم بحثه عنها في مظانها وتفتيشه في مجموعة مكاتب وكنانيش متعددة وكفى لأنه من أهل التحري

[115]  الفتاوى والتاريخ محمد المختار ولد السعد ص: 129.
[116] - انظر مواهب الجليل على شرح الشيخ خليل، الجزء الثالث، ص: 17

[117] - المصدر الفتاوى الكبرى لمحنض بابه نسخة مخطوطة بحوزتي، الفتاوى والتاريخ، ص: 27

[118] - نعني حديث "وأن لا تنازع الامر أهله" المصدر عارضة الأحوذي شرح سنن الترمذي لابن  العربي المالكي الجزء السادس،ص: 1643 دار الكتاب اللبنانية
[119] - رواه مسلم الجزء الرابع ،ص: 1301 دار الفكر 1986م بيروت.
[120] - هو أحد علماء المجموعة الشمشوية من أولاد سيد الفالي عرف بتبحر في علوم العربية والنحو أخذ عنه ابنه محمدو ولد البراء وآخرون توفي 1336 هـ.

[121] - إيكيدي: هي منطقة كثبان اترارزة الوسطى وقد عرفه امحمد ولد أحمد يوره في كتابه اخبار الأحبار بأخبار الآبار وعرفه بقوله: إيكيدي وأصله بالبرية «إيكئذ» وهي الآبار الطويل اللينة التراب ولذلك تنهدم سريعا ولبعد مائها وسرعة انهدامها قل ما تجد فيها أثر قرية.

[122]  حياة موريتانيا الجزءالسادس عشر الخاص ببعض المجموعات الشمشوية ص: 162.
[123] - للمزيد من المعلومات عن الضامن وأنواعه ترجع نظرية الضمان في الفقه الإسلامي للدكتور وهبه الزيحلي رئيس رابطة علماء الشام، ص:120 طبعة دار الفكر بيروت 1996م.

[124] - مقابله شخصية معه في مكتبه بوزارة الداخلية بتاريخ 24/01/2011.

[125] ـ حياة موريتانيا الجزء 16 ص: 190.
[126] -  هم علماء المالكية الذين تواجدوا بالمغرب بتونس وليبيا والجزائر وموريتانيا والمغرب كابن العربي والقرطبي وغيرهما.
[127]  - باب بن أحمد بيب العلوي بن عثمان بن سيد محمد العلوي، عالم مناظر وشاعر مجيد توفي سنة 1276هـ
[128] ـ حرمة الله ولد الحاج بن سيدي الحسن العلوي، العالم السني الكبير بذلك أكثر عمره في طلب العلم ثم نشره، كان من أكبر تلاميذة ابن بون الجكني وقد تصدر عليه كثيرون وأخذ عنه الشيخ سيدي الكبير قبل رحلة الأخير إلى الكنتيين وتوفي 1233هـ.
[129] - هو إيديج ولد عبد الله الكمليلي عالم ولغوي كبير اشتهر بالفقه والبيان وبالدفاع عن السنة ومحاربة البدع وكان شاعرا مجيدا توفي 1270هـ.
[130] ـ حياة موريتانيا الجزء السادس عشر ص: 148.
[131] - حياة موريتانيا الجزء السادس عشر ص: 149
[132] ـ نفس المصدر
[133]  نفس المصدر
[134] - هو محمذن ولد محمد فال الملقب "إميي" من مجموعة "إدودنيقب" الشمشوية أخذ عن الشيخ أحمدو ولد محمذن فال الحسني، وعن محمد اليدالي والشيباني ابني جد الناس وعن ابن خالته محمذن فال ولد عبد الله عرف بالتبحر في علوم القرآن والسيرة النبوية والفقه والأصول أخذ عنه بعض أفراد أسرته وبعض طلابه كان شيخا صوفيا على الطريقة التيجانية له عدة محاضرات مسجلة في التفسير والسيرة النبوية وبعض الطرر على عمود النسب وشرح لقرة الأبصار توفي يوليو 2008 رحمه الله تعالى.
[135]  مختصر الشيخ خليل ابن إسحاق المالكي ص: 214.
[136] - راجع المزيد عن شخصيتة في الفصل الثالث

[137] - وحسب ولد السعد فإن هذا الصراع مربأطوار متعددة يمكن الاطلاع عليها بالنظر في المراجعات التي دارت بين العلماء بشأنها في مكتبة أهل المحبوبي أو مكتبة أهل حامدن بتوجنين
[138] - محصر محمد لحبيب هو: مكان سكن الأمير وأتباعه وحواشيه وفيه تحسم القضايا القضائية وبه يستقبل الوفود وتعقد الاتفاقيات وبالتالي يكون بمثابة عاصمة الإمارة المتنقلة تبعا لحركة أصحابها الانتجاعية ويمثل أيضيق تعبير عن سيادة السلطة الأميرية على مجالها الترابي انظر إمارة اترارزة لمحمد المختار ولد السعد.الجزء الأول، ص: 340
[139]  مختصر الشيخ خليل ص: 221.
[140] - سبق تخريجها
[141] - هذه النوازل اختصرنا على محل المناظرات والمراجعات منها ولم نأت بها كاملة لطولها ولدينا نسخ منها مصورة من نسخ بمكتبة أهل المحبوبي
[142] - مراجعات النازلة التندغية السابقة
[143] - سورة آل عمران الآية 176.
[144] - ابن مرزوق هو شمس الدين أبو  عبد الله محمد بن أحمد الحطيب بن محمد بن محمد بن مرزوق يعرف بالحفيد التلمساني ولد 766 842 من أثاره روضة الأريب في شرح التهذيب.

[145] -  التاريخ القضائي وكبريات النزاعات القضائية في موريتانيا، ص: 191.
[146] - هؤلاء الأعلام المذكورين يتنمون ِإلى "المجموعة الشمشوية" وخاصة بن ديمان وإدوداي وإيدابهم ومنهم أشخاص مشهورون ومنهم غير ذلك وكلهم من أهل القرن الثالث عشر.

[147] - فتاوي أحمد ولد العاقل مخطوط بحوزتنا
[148] - الشيخ أحمد ولد العاقل عالم جليل من علماء القبلة قضى ثلاثين سنة في طلب العلم استقضاه أمراء اترارزة المعاصرون له خاصة أعل ولد  الكوري 1200هـ وأعمر ولد المختار 1245هـ له تعليقات على مسائل كلامية وشرح بكبرى السنوسي في العقيدة وله أيضا فتاوى فقهية كبيرة حققها الدكتور يحي البراء. "
[149] - نص خليل  "وفي  محض حق الله تجب المبادرة بالإمكان" في باب الشهادة ص: 223.

[150] - حديث (الولد للفراش وللعاهل الحجر...) صحيح أخرجه البخاري ومسلم وأبودادوود والنسائي وابن ماجه عن عائشة وأحمد والترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه انظر عارضة الأحوذي الجزء الثامن ص: 2081 دار الفكر.

نسخة لأهل المحبوبي.
[151] - أحمد فال ولد محمذن فال الموسوي من علماء بني يعقوب ووالد العلامة الكبير محمد مولود أحمد فال له منظومات كثيرة في شوارد الفقه من أهل القرن الثالث عشر لم نقف على تاريخ وفاته.

[152] - أحمد محمود التندغي لم نتعرف عليه فيما فيه الكفاية ولكنه فيما يبدوا من أهل العلم ومعاصر لابن متالي من أهل القرن الثالث عشر.
[153] - سيد أحمد ولد محم ولد خاديل لم نتعرف عليه بما فيه الكفاية ولكنه فيما يبدوا من أولاد ابيري ومن أهل العلم ومن أهل القرن الثالث عشر الهجري ويوجد ضمن قائمة الآخذين عن حرمة ولد عبد الجليل.

[154] - هو الشيخ سيدي بن المختار بن الهيبه قطب من أقطاب العلم والتصوف جمع بين الشريعة والحقيقة أخذ عن حرمه ولد عبد الجليل العلوي والشيخ سيد المختار الكنتي وابن الشيخ سيد محمد نشر القادرية في الجنوب الغربي من البلاد وفي أرض السودان توفي رحمه الله 1284هـ .


[155] - أسرة من أولاد أمرابط مكه الأبيريين
[156] - نص رسالة الشيخ سيديا مخطوط بحوزتنا مصور عن

[157] - للحصول على معلومات كافية يراجع نص الفتوى بمجموعة الفتاوى لأحمد ولد العاقل تحقيق الدكتور يحي ولد البراء مرقونة على الآلة بحوزتي
[158] - نسخة منها ورسالة رد بها أحمد بن العاقل بحكمه ايضا موجودة بحوزتنا.



[159] - رواه أحمد في المسند الجزء الثالث ص1351 دار الكتب اللبنانية.
[160] - راجع الفقه الإسلامي وأدلته الكتور وهبه الزحيلي الجزء الثالث ص: 172.
[161] -  البرهان للجويني الجزء الأول ص: 165-167 دار الصفاء 1989
[162] - بئر لأولاد ديمان بمنطقة ايكيدي يبعدحوالي أربعين كلمتر  شمال شرقي المذرذرة الحالية.
[163] - انظر الزرقاني ص: 317.
[164] - اعتمدنا على نص ذلك التعقيب المرفق بتعقيب  محنض بابه للحكم ضمن فتاوي محنض بابه التي جمع حفيده المرحوم محمدن ولد المختار ولد حامدن
[165] - رسالة اللفعة رسالة تتحدث عن قواعد الملكية الشرعية وسببها نزاع حول ناقة.
[166] - عيون الإصابة في مناقب محنض بابه نسخة خطية بحوزتي
[167] ـ نص خليل في الدماء والقصاص ص: 232.
[168]  محمد فال بن عبد اللطيف، مقابلة شخصية معه بتاريخ 27- 2- 2011 بمنزله بانواكشوط
[169]  المصدر مكانة أصول الققه في الثقافية المحظرية الموريتانية محمد مفحوظ  ولد أحمد ص: 90
[170]  هو شريف من أصل إدريسي يرجع بعض الباحثين والمؤرخين الموريتانيين إليه أنساب أكثر القبائل ذات الأصل الشرفي مثل أسماسيد وإدوداي وغيرهما لا تتوفر عنه معلومات كافية لكن أغلب المؤرخين يجزم بأنه عاش ما بين القرنين الخامس والثامن الهجري .
[171]  الفتح هو إلقاء الله العلم والمعرفة في قلب الشخص دون مجهود تعلم وتؤثر عن الشناقطة فيه قصص كثيرة كقصة أبن بونه وأوفى بن ابي بكر وغيرهما.
[172]  هو المختار بن ألما من مجموعة إدوداي الشمشوية العالم والشاعر المؤلف عرف بالتبحر في علم الفقه والأصول واللغة له نظم لشرح والده على الكوكب الساطع أخذ عنه إبنه محمد سالم بن ألما وخلق كثير لم أقف على تاريخ وفاته.
[173]  أوفى بن أبي بكر بن ألفغ منصر هو العالم المتبحر والطبيب الماهر أخذ عن ابن متالي كما مر معنا عالم وطبيب وشاعر طغت شهرته بالطب على شهرته بالعلم والأدب من أهم آثاره العلمية كتابه العمدة في الطب ورسالة في علاجاته وجمع أجوبة شيخه ابن متالي وخائص أسماء الله الحسنى وديوان شعر مليء بالمدائح النبوية.
[174]  واعتمدت في هذه الترجمة على تعريف به موجز كتبه الأستاذ والباحث الشاب أوفى ولد عبد الله ولد أوفى في مقدمة تحقيقه لفتاوى محمذن فال بن متالي التي جمعها جده أوفى بن أبي بكر.
[175] - محمد فال بن عبد اللطيف نفس المقابلة السابقة بمنزله بنواكشوط بتاريخ 27/02/2011
[176] - المصدر مقابلة شفهية معه بتاريخ 26/ 03/2011 بمكتبه بتيارت
[177]  ـ وحسب محمدن ولد حمينه فإتاوات هنا المقصود النوائب مثل الديه
[178]  انظر نظم بوطليحية للنابغة القلاوي، تحقيق الدكتور يحي البراء، نشر مؤسسة الريان، ص32.
[179]  السؤال رقم 60 من الأجوبة لغبن متالي وخاصة التي جمعها أوفى النسخة المختلطة.
[180]  هو محمد محمود ولد حبيب الله بن القاضي الإجيجبي تعلم على والده وتولى عماد محظرة "الكحلاء" ودعى لإقامة الحدود والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولد 1205 توفي 1277هـ
[181]  السؤال رقم 99 من أجوبة ابن متالي التي جمعها أوفى
[182] - سورة البقرة الآية 36
[183]  قاض من قضاة المالكية ورد ذكره في المعيار مرات، الجزء1، ص432، الجزء السابع، ص79، الصفحة 332، وفتواه هذه في المعيار الجزء7، ص332 دار الغرب الإسلامي
[184]  السؤال رقم 2 من الأجوبة لإبن متالي النسخة المختلطة.
[185]  السؤال رقم 7 من الأجوبة
[186]  السؤال رقم9 نفس المصدر
[187]  السؤال رقم 166 نفس المصدر
[188]  ـ المصدر المقابلتان الشخصيتان مع محمد فال بن عبد اللطيف ومحمدن بن سيد محمد ولد حمينه
[189] ـ سورة الأنبياء
[190] ـ العبارة الأصلية حسب محمد فال ولد عبد اللطيف ومحمدن ولد حمينه التي قالها ابن متالي أنه إذا كان يخفى هذا الدليل على بعض العلماء فمن باب أحرى انبلحه من إيدغمادق وذلك لمبلحه توصف أصلا بالبلاهة والتغفيل عند بعض الناس
[191]  ـ المصدر الإحالتنان السابقتان مع محمد فال ولد عبد اللطيف ومحمدن ولد سيد محمد ولد حمينه.
[192] ـ أما محمدن ولد سيد محمد ولد حيمنه فاستبعد كون محمد لحبيب تحمل الدية اللهم إذا كان أولياء الدية سيشفعون محمد لحبيب بوصفه أميرا فيسقطونها وعلل ذلك بأن محمد لحيبب بوصفه أمير اترارزه له نصيب من الدية كما يرى أن محنض بابه قد أقام حدا مرة على عبد من عبيده
[193]  مثلان عربيان يضربان للأمر الذي لا يدخر عنه شيء
[194]  مثل عربي يضرب لمعرفة قدر الشيء والاستعداد له قبل الدخول فيه
[195]  المصدر مراجعات النازلة التندغية نسخ مصورة من مكتبة أهل المحبوبي
[196]  المسألة رقم 104 من الأجوبة لإبن متالي
[197]  المختصر باب القضاء وأحكامه، تحقيق أحمد جاد دار الحديث، القاهرة ص218
[198]  نظم بوطليحية مرجع سابق، ص: 66 البيت رقم 35
[199]  المسألة الأولى من أجوبة ابن متالي التي جمعها الطبيب أوفى وخاصة النسخة الغير مرتبة
[200]  نسخة من مراجعة ابن متالي مع محنض بابه ولولي بن اليعقوبي بشأن النازلة التندغية في الدماءات مصورة عن نسخة أهل المحبوبي
[201]  إمارة اترارزه وعلاقتها السياسية والتجارية مع الفرنسيين في القرنين الثامن عر والثالث عشر الجزء الأول ص: 329.
[202]  إمارة اترارزة وعلاقاتها السياسية والتجارية مع الفرنسيين الجزء الأول ص: 330 ، ومراجعات هذه النازلة مصورة عن مكتبة أهل المحبوبي
[203]  نسخ هذه الوثائق بحوزتنا مصورة من نسخ خطية للعلامة محمد سالم ولد المحبوبي طيب الله ثراه
[204]  نقلا عن نسخة الأستاذ يحي ولد البراء
[205] ـ المصدر نسخة مصورة من مكروفيلم المعهد الموريتاني للبحث العلمي أتحفني بها رفيق دربي مشكورا محمد ولد سيديا
[206]  هو العالم العلامة والمؤرخ الكبير أحمد سالم ولد باكا من مجموعة إيدودنيقب الشموشوية أخذ عن محمد سالم والمختار اسلامه ابني عبدي وعن أحمد بابه ولد يدالي من أهم مؤلفاته كتاب تاريخ إمارة اترارزه وكتب أخرى في التاريخ وكتاب في المقرأ توفي سنة 1981م رحمه الله تعالى.
[207]  كلام محنض باب هذا مر معنا سابقا في شأن بئر تمركاي الفصل الثاني
[208] المصدر الفتاوى لأحمد بن العاقل مع مجموعة رسائل في القضاء لعلماء بمنطقة الجنوب بمكتبتنا.
[209]  نسخة من تعقيب أحمد بن المختار بن الطالب أجود على حكم الأمين ولد الماحي في شأن أمة ألقت نفسها في بئر بعد تأديب سيدها لها مصورة عن نسخة لأهل حمدي ولد الطالب أجود أتحفني بها مشكورا زميلي محنض باب ولد حمدي
[210] ـ نوازل الكصري مخطوط بحوزتنا
[211]  إمارة اترارزة وعلاقاتها التجارية والسياسية مع الفرنسيين الجزء الأول ص: 335.
[212]  القضاء في موريتانيا قبل دخول الاستعمار، مذكرة تخرج من المعهد العالي للدراسات والبحوث الإسلامية للقاضي محمذن باب ولد عبد الله، ص31

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق