إعداد الأستاذة الباحثة العالية بنت الشيباني ولد جد الناس
لم يكد هجير ذلك اليوم الأغر من الشهر المحرم ينقضي حتى كانت ملامح وجه جديد قد أطلت الأفق حيث دحت السماء وبكت, واسودت الأرض وضاقت بما رحبت, فكان ذلك النبأ العظيم الذي اشتد وقعه على الآذان ..
ونطقه على الألسن حيث قضى ذلك الشيخ المبارك سعيه رزء البرية جمعاء الشيخ العلامة احمدو المبارك بن أوباه والذي جعله الله قرة عين يوم ولد ويوم مات ويوم يبعث حيا
والشيئ لاينبت دون أصــل والأصل لايثمر دون فعل
وهل ينبت الخطي إلا وشيجه وتغرس إلا في منابتها النخل
وقد كنت أحبذ الوقوف عند حد مراد شيخي ووالدي هذا فلا أتحدث عنه إلا بكلمة واحدة هي: رحمه الله وعفى عنه لكن نزولا عند رغبة البعض وتمثلا لقول القائل
لي سادة من عزهم أقدامهم فوق الجباه
إن لم أكن منهم فلي في ذكرهم عز وجاه
سأقف ولو قليلا عند بعض مآثر هذا الشيخ وإن كنت أرى ذلك
حديثا معادا فيه تحصيل حاصل ومخض مياه لايحصل غير ما
ولد أحمدو المبارك رحمه الله وعفى عنه سنة 1930م وكان ثمرة يانعة ومعينا لاينضب لذينك العلمين الوقورين
والدته العارفة بالله السيدة مريم سكينة بنت ألمين.
ووالده الشيخ الفقيه الجواد المنفق والملقب : زاد الركب السيد محمذن ولد أوباه الذي كان يسير الراكب مسيرة شهر أو مايناهزها في الأحياء فقل أن يجد لديهم إلا منائحه وفي ذلك يقول والدي العلامة والشاعر اليدالي بن الكاه المتوفى سنة 1952م من مرثيته له والتى مطلعها
سعد الزمان كبى فأصبح زائلا وسنى بدور المجد أصبح آفلا
يقول
فقدت لفقدك يامحمد أهلنـــــــــــــا حامي الحمى وسدادها والنائلا
وسنادها وعمادها وفؤادهـــــــــــا وعداد خطب هال هولا هائلا
فلكم غدا ذو الجوع عندك طامعا ولكم أنلت من المواهب سائلا
وإذا ذووا الحاجات سيبك يممـــوا فالحاج يقضى من نوالك عاجلا
توفي محمذن ولد أوباه هذا عن أبنائه سنة 1950م بعد أن نذرهم للعلم وأورثهم الجدية في طلبه. فحرصت والدتهم مريم سكينة على تنشئتهم التنشئة المثلى وضربت صفحا عما بأيديهم من حمر النعم فظلت إلى جانب خيمة العلامة الجليل ابن عمهم أحمد باب بن اليدالي المتوفى 1998م.
كماترددوا أيضا على محاظر كل من أهل المحبوبي وأهل ألما اليداليين ومحظرة الشيخ أحمد و بن محمذن فال الحسني المتوفى 1998 فكان هؤلاء الأبناء لها حيث أرادت وأعانهم على ذلك حدة الذكاء وقوة الحافظة وخاصة أحمدو المبارك الذي هو موضوع حديثنا فقد حفظ القرآن في سن مبكرة على يد خاله الفقيه المقرئ الشيخ محمد بن ألمين الملقب : ابًد.
كما درس بحيطة وتدقيق مختلف المتون في تلك المحاظر التي تردد عليها كالعقيدة وعلوم التفسير, والحديث, والفقه, والتصوف, واللغة والنحو, والصرف, والمنطق ,والبيان ...إلخ.
اجتمعت لهذا الشيخ شمائل قل أن اجتمعت لأحد منها: العلم مع العمل, الغنى مع البذل, الورع والزهد
وتلك شيمتهم فيهم توارثها آباؤه جده قدما ووالده
ظل لسانه رطبا من الذكر والتلاوة وكان ذلك خفية ودون الجهر من القول بالغدووالآصال ولم يكن من الغافلين.
كان أعلم الناس, وأعظمهم مروءة , كثير الصمت ,قليل الكلام , لايضحك ,ولايتكلم فيما لايعنيه , ما أكل قط ولا شرب حيث يراه الناس , كان مهيبا نبيلا ليس في مجلسه شيئ من المراء واللغط كان يتورع عن أبسط المعاملات ويتحرى في الفتيا ويتمثل قول مالك ابن أنس رضي الله عنه المتوفى في القرن الثاني للهجرة (ينبغي للعالم أن يورث جلساءه قول لا أدري حتى يكون ذلك أصلا في أيديهم يفزعون إليه ).
عرفت له الإمامة وهو حدث السن غيرمدافع فيهاولامنازع بعد أن شهد أهل الفضل والصلاح أنه موضع ذلك وكما في الحديث الشريف " من أم قوما وهم عنه راضون أمنه الله من الفزع الأكبر يوم القيامة " أو كما قال صلى الله عليه وسلم. كان موضع اهتمام وثقة العلماء والأولياء وحسبي أن أعد من هؤلاء شيخ الطريقة القادرية شيخنا الشيخ بن بابيج المتوفى 1994م.
ولو حاولنا استقصاء النقاط المضيئة في حياة شيخنا هذا لطال بنا الحديث ولكننا سنقف عند هذ الحد ونقول:
يارب نضرة النعيــــــــمْ لكُيها لحْمدو فلحيـــــــنْ
واجعل بالرحمان الرحيم فِلملكٌ زاد الحور العيــن
وهذا من باب الدعاء فقط لأن شيخنا لا أدل عليه مما قال العلامة محمد سالم ولد عدود المتوفى 2009م عند وفاة والده العلامة محمد عالي الملقب : سيد المتوفى 1981م حيث قال :
لمرابط سيد مايكًد يوف بحقوق راث
لمرابط سيد ماهْ كد أفامك ياالمــــراث
وقد توفي شيخنا هذا رحمه الله وعفى عنه يوم: 08 رمضان /1435 هـ الموافق : 06/07/2014 عن عمر ناهز ستة وثمانين سنة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق