عدد متابعي الموقع الآن

الأحد، 20 يوليو 2014

الوقت ودلالته في القرآن الكريم (تدوينة للدكتور أحمد سالم ولد اباه)

الأطروحة : إن التدبر الذي هو هدف تلاوة القرآن الكريم يقتضي معرفة الحاوي الزمني للأحداث، ولا سبيل إلى ذلك إلا بمعرفة أن اللغة حين تركز على الصوت فمعنى ذلك أن الضوء لا يساعد على توصيل المعنى، أو أنه يأتي بنتيجة عكسية بالتشويش على محتوى الرسالة، كما في قوله تعالى "وجاءوا أباهم عشاء يبكون" إذ الظلام مساعد على إخفاء أمارات الكذب، والصوت مساعد على توصيل المعنى المراد. أما حين يتم التركيز على الصورة والهيئة فمعناه أن الضوء مساعد على توصيل المعنى كما في قوله تعالى: " فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ" فالإقبال هنا والاستبشار وصك الوجه كلها تدخل في مجال التعبير بالحركة والهيئة إذ الضوء مساعد على استقبال الرسالة، وعليه يمكن القول إن ضيوف الرحمن هؤلاء قد قدموا نهارا، أما إخوة يوسف فكان قدومهم ليلا بنص الآية، ونجد جملة من التقابلات بين الآيتين نسجلها فيما يلي :
1- القادم في الآية الأولى بشر وفي الثانية ملائكة
2- في الأولى يعطون خبر فقدان "إبن" وفي الثانية يبشرون بزيادة "ولد"
3- في الأولى الخبر كاذب وفي الثانية الخبر صادق
4- في الأولى الحاوي الزمني الليل وفي الثانية الحاوي الزمني النهار
5- في الأولى العلامة التعبيرية صوت البكاء وفي الثانية علامات الإقبال الاستبشار ، صك الوجه.
نستنتج من ذلك أن لغة القرآن بما هي لغة معجزة فإنها تجمع خصائص التعبير الإنساني كافة، وأساليبه جميعا، وإن فهمها يقتضي نوعا من المعرفة الحديثة نسبيا يتعلق باللغات غير المنطوقة وغير المرسومة وهي لغة الجسد والحركة والألوان والصور، حتى نتمكن من فهم الكتاب الخالد الذي يصلح لكل زمان وكل مكان.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق