في يوم
من أيام مايو الحارة في روصو وفي ويوم جمعة
بالتحديد ساعة الضحى ومن 1994 زارنا محمد الباكا رحمه الله يسأل عن خالي محمذن ( ا ميي) فعرفته والدتي وسلمت عليه ورحبت
به وفرشت له سجادة خالي في ذلك الوقت وكان قد قام عنها قبل قليل وعليها جزء خماسي
من مصحف برواية ورش كما ترك عليها سبحته فأخذ محمد السبحة وأمرها على وجهه
وجلس على السجادة دعتني والدتي أطال الله عمرها وقدمتني لمحمد قائلة ( هذا
حجبل اعل راس وادعيل مولان بالفتح فرد عليها تواضعا لن أقدم له أكثر مما ستقدمينه
أنت وتوت واميي له فقالت له أطال الله عمرها أنا اخوالي امعرف بلخلكية عندها دعاني
وقرأ على رأسي قوله تعالى : (والنخل باسقات لها طلع نضيد) كما قرأ عليه قوله تعالى
( ففهمناها سلميان وكلا آتينا حكما وعلما) وقرأ عليه أَيضا ( يا يحى خذ الكتاب بقوة وأتيناه الحكم صبيا وحنانا من لدنا
وزكاة وكان تقيا وبرا بوالدين ولم يك جبارا
عصيا)
وبعد
ساعة جاء خالي محمذن رحمه الله وبدأ الحديث حول التصوف و الفقه ومما أثير في ذلك
المجلس قضية أمراض القلوب وقول الغزالي رحمه الله إن طلب دوائها وإزالتها عن القلب
واجب عيني لأن الله أرسل الملائكة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فشقوا قلبه و
استخرجوا منه حظ الشيطان. وقال خالي إن
مقامات التصوف تبدأ بالتوبة مرورا بالشكر
والرجاء والخوف وصولا إلى مقام الحب وفيه
يعبد العبد ربه لا خوفا من ناره ولا طمعا
في جنته وإنما حبا في خالقه ، كما قالت رابعة العدوية (اللهم إننا نعبدك لا خوفا
من نارك ولا طمعا في جنتك وإنما نعبدك لأنك رب تستحق العبادة تقابل إساءتنا
بإحسانك وذنوبنا بعفوك وهفواتنا بسترك) و إن المحاسبة ضرورية يوميا صباحا مساء للنفس
فيحمد العبد ربه على الحسنات ويستغفر من السيئات فورا ويصفي قلبه من التعلق بكل ما
سوى الله فقال محمد رحمه الله صدقت قال الجنيد ( آخر ماينزع من قلوب أهل السلوك حب
الرئاسة) وبعد خوض في هذا الحديث الشهي والفن الرائق قال محمد رحمه الله لمحمذن[1].
لي إليك حاجة أرجوا أن تقضيها لي فرد عليه محمذن وماهي ؟ فقال : أطلب منك أن تخبر
جماعة اهل الخط بوجوب صلاة الجمعة عليهم فرد عليه محمد ألا تبادر أنت فتقولها فقال
محمد أنت واحد من جماعتهم وأقرب إليهم فقال محمذن سأبلغها لهم ولكن اعلم أنهم قد
لا يقبلونها مني لأنني أقبض وهم يسدلون وأبسمل قبل الفاتحة وتيجاني وهم لديهم تحفظ
على التيجانية ورأيي أصلا لا يعجبهم ....الخ .
 |
الكاتب المختار السالم ولد حرمة
|
المهم بلغ
محمذن رحمه الله الرسالة لأهل الخط وبعد فترة قال محمذن فال[2]
ولد عبد الله رحمه الله أنه سيقبل بإمامة
صلاة الجمعة بشرط أن يكون محمذن يخلفه في
حالة وجوده في القرية فقبل محمذن وأمها
بأهل القرية مرات عدة رحم الله محمد ومحمذن فال ومحمذن وأسكنهم فسيح جناته ماتوا
ولكن أعمالهم باقية بعدهم ونعم العمل.
في ليلة
من ليالي مارس سنة 1993 وعلى اثر خلاف
أسري زارنا محمد ولد باكا صحبة جمع من رجال الحي (صربة)[3]
من بينهم محمذن فال ولد عبد الله المتقدم ذكره والمختاربن الحسن[4]
وغيرهم جاء إلى جدتي فاطمة[5]
بنت أحمد سهله بن ابي فرحبت به وقالت لو جدت كلمة أفضل من مرحبا قيلت لكم ولكنها
يكفي أنها قالتها الملائكة للنبي صلى الله
عليه وسلم ليلة أسري به إلى السماوات، و
قالها النبي صلى الله عليه وسلم واسطردت
رحمها الله تعالى قول العلامة البدوي :
بوفد عبد القيس أخبر النبي
وإذ أتى أتحفه بمرحب
و قالت
: لمحمد أنا دائما أسمع بكم ولله الحمد
وعن علمكم وفضلكم ويذكركم لي هذا المحفوظ [6]
ولم يتحلي لقاؤكم/ كنت حاضرا لكل ماجرى و لمأكن أعرف أنها رؤحمها الله تعالى
قصدت بموجودي معها أن أتعلم كيف يعامل الكبار و كيف يتكلم الإنسان دون أن ينفعل أو
ينزعج أوتبدوا عليه علامات الغضب وكانت تلمح لمحمد ببعض الأمور و لا تصرح .... كان نساء الحي
يجلسن خلف الساتر يستمعن لما يجري
وبعد انهاء محمد رحمه الله لسفارته
جاء إلى خيره بنت اتاي[7].
رحمها الله فقال لها : لقد لقيت امرأة لا توزن بالرجال ولا تعد مع النساء لم تكلمني بأمر يتعلق بنفقة ولا كسوة[8]
وما ذكرت لي آية إلا وهي تعلم أسباب نزولها وأحكام الفقه منها وما حدثتني في أمر إلا وقالت يقول خليل في هذا المحل كذا وكذا. صدقت يامحمد لايعرف الفضل
في الناس إلا ذووه[9]
.
ومرة صلى
محمد الباكا رحمه الله الجمعة في
مسجد الخط وبجواره أحد المصلين ضايقه حتى فاتته سجدة وبعد
أن سلم وقف رحمه الله بالمسجد وقال أيها المصلون الله تبارك وتعالى يقول: ( يأيها
الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله والكتاب الذي نزل على رسوله والكتاب الذي أنزل من قبل) فهو طلب منهم
الإيمان بعد أن وصفهم به والله تبارك
وتعالى يقول واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتمى
والمساكين و الجار ذي القربى والجار الجنب) فالله أوصى على الجار، فكيف إذا كان
الجار في الصلاة ومنذ ذلك اليوم وأنا لا
أتذكره إلا وتذكرت سرعة بديهته وفطنته.
[1] - محمذن ولد محمد فال ولد أحمد ولد حرمه ولد أحمد
بن متيلية من فخذ أهل اتفاغه الماح أخذ الفقه والسيرة النبوية عن ابني عمه
محمد اليدالي و الشيباني ابني جد الناس ثم بعد ذلك رحل إلى محمدن ولد
آكاه اليعقوبي لكن أكثر دراسته المعمقة في الفقه و النحو عن
الشيخ أحمدو ولد محمذن فال الحسني وأخذ المنطق و البيان عن ابن عمه العلامة أحمد باب ولد اليدالي الذي قرأ عليه ألفية البيان للسيوطي أما علوم
القرآن فقد أخذها عن رجل من الحجاج يدعى محمد كريم بن الزاوي الحجاجي
الذي أجازه في مقرأ الإمام نافع ويعتبر اتصاله بالقاضي الإمام ولد الشريف
المعروف شكل منحنى جديدا حيث أخذ عنه
بعض النوازل كنوازل العلامة بن متالي ونوازل العلامة محمد سالم ولد
الما ونوازل محنض باب ولد اعبيد تصوف على
الطريقة التجانية و له عدة إجازات
بالتقديم من الشيخ الحسن سيسا و الشيخ
محمد باب ولدالصوفي له زاوية بها مسجد في
روصو قائمة ولله الحمد كان إذا
تكلم في فن لا تظنه يتقن غيره له اليد
الطولى في المغازي و أيام العرب وهو راوية
لأشعارهم لكن غلب عليه التصوف ونكران الذات له مكتبة غنية بالمخطوطات .
[2] - هو
محمذن فال المقلب ( أموه)بن عبد الله
المعروف ب( داهي) أخذ الفقه عن
والده وكذالك علوم العربية كماعمق دراساته
المحظرية عند ابن عمه العلامة أحمد باب ولد اليدالي كما قضى فترة من الزمن طويلة
مع الشيخ أحمدو ولد محمذن فال الحسني أخذ فيها
العلوم المتممة كان ورعا رحمه الله
تعالى من ذلك قوله: ( الشرط عندي في
الإمام الورع وهو أهم عندي من المعرفة ). كان إماما في قرية احسي أهل بوأحمد وشيخ محظرتهم له مكتبة غنية بالمخطوطات فيها نسخة من القاموس
تعود إلى أربعة قرون بخط جده ألمين بن
متيلية.
[3] - هي الجماعة من الرجال المعتدلين في
المواقف من بينهم عالم ومصلح وشخصية اعتبارية
الشرط في هذه الجماعة أن تكون مقبولة لدى كل الأطراف تسعى لإصلاح ذات البين
[4] -هو المختار بن محمذن بن الحسن بن عبد
الله بن أحمد بن اتفاغه الماح أحد أعلام
المجموعة أخذ علوم العربية عن
الشيخ أحمدو ولد محمذن فال كما أخذ الفقه
والنحو عن ابن عمه أحمد باب ولد اليدالي
رحمه الله تعالى، وهوشارع مفلق
مجيد بالفصحى ومتفوق بالعامية بمعنى ( امغني بداع ) شارك في مسابقة تكوين المعلمين
فنحج معلما وظل يعمل معلما إلى ان ترقى عبر المسابقة الداخلية للمفتشين كان يعمل بولاية اترارزة
بالإدارة الجهوية إلى أن تقاعد يتميز عن باقي
الفتيان بمعرفة واسعة بالناس من
مختلف أرجاء الوطن حتى أنه يعتبر مرجعا في
أنساب القبائل و قديكون أخذ الأنساب عن أخواله أهل عبدي ولد أحمد بن متيلي فجدته
أم الخير بنت محمد سالم ولد المختار ولد عبدي وخاله المختار اسلامه وكان أقرب
إليهم بحكم وجوده مع جدته أم الخير ومما ساعده على معرفة الناس سرعة بديهيته.
[5] - هي
فاطمة بنت أحمد سهلة بن بي بن محنض بن أحمد بن متيلية أمهما أم الخير بنت
عبد الودود بن عبد الله بن ألمين بن متيلية أعطتها والدتها وهي صغيرة
لباكر ولد سيد عبد الله العالم
الجليل المعروف ( الألفغي) فحفظت القرآن وهي صغيرة جدا
كانت تحدث دائما بأنه لما تفي محمد حبيب الله بن بياه رحمه الله وكانت تقرأ
عليه القرآن أوصاها على محظرته فقالت درست القرآن لا أعرف متى بدأت تدريسه أخذ
عنها القرآن خلق كثير وكانت متفرغة لترسيه
ودراسته ومطالعة تدارسيه كتفسير الثعالبي و الإتقان في علوم القرآن
وغيرهما فكانت دائما تشكل عليها الكلمات فتقوللي افتح الخازن إبحث عن الصورة كذا انظر الكلمة كذا وبهذه الطريقة
علمتني قراءة الكتب وأنا صغير جدا قرأت عليها ربع عمود النسب بالإضافة للغزوات وكلاهما للعلامة البدوي وغرة
الأبصار و قصيدة بانت سعاد وكانت رحمها
الله عطوفة على الفقراء و الغرباء حيث عرفت بشخص كانت تعطف عليه دائما وهو ( محمود
توت ) وعابر السبيل تنفق في السر أكثر من العلن وتتحرى مواطن ومظان
قبول الصدقة كالعباد و العلماء والصلحاء .
[6] - كناية عن محمذن لأنه ابنها وليس من عادة أهل
اكيدي ذكر الأبناء أمام
الفضلاء من العلماء وكبيري السن
[7] - هي خيره بنت أحمد الخطاري هي الحافظة لكتاب الله التقية العابدة السخية كفا تعمر وقتها بتدريس كتاب
الله وتلاوته أناء الليل و أطراف النهار شهد لها بالصلاح
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق