عدد متابعي الموقع الآن

الخميس، 19 ديسمبر 2019

مراثي المرحوم أحمدُ ابياهْ بنُ أحمدْ يحي


مراثي الفقيد أحمدُ ابياهْ بنُ أحمدْ يحي

نبذة عن المرحوم ابياه:

أحمدُ ابياه بن أحمد يحي بن المختار بن المصطفى بن أحمد بن ميليَ بن أشفاغ الماح، أمه مريم تسلم بنت أحمد بن خطاري بن محمذ فال بن سيدِ بن أما بن أحمد شينان، وُلِد سنة 1957 م في بامِّيره، نشأ في بيئة محافظة لا يكاد الطفل فيها يناغي إلا بآي القرآن، شبَّ الفتى ابياه تحت رعاية جده لأمه وخال أبيه أحمد بن خطاري (الدياه) على ما يشب عليه أقرانه من تحصيل بالنهار وتكرار بالليل، نبغ مبكرا فالتحق بالمدرسة الابتدائية ومنها تجاوز متفوقا إلى الثانوية، لكن فقد الأب جعله يترك مقاعد الدرس ويلتحق بالتدريس التطوعي معلما مزدوجا لا يُشَق له غبار "مرفودعلم" فلا زالت تجربته محل فخر واعتزاز وترديد من لدن تلاميذه في مدرسة "بُرغوه"
   لم يكن العمُّ (اكاه) وهو من هو صرامة وحسن تربية وسداد رأي، ونفاذ بصيرة ليرضى لابن أخيه هذه النهاية الوظيفية وهو يعرف قدراته الخارقة فناداه أكثر من مرة موجها وناصحا، لكن إصراره على التحسين من وضع ابياه كان يصطدم بصخرة عناده ويواصل دروسه التطوعية.
كان محمد باب في الأصل تاجرا في "بانجول" و"دكار" تظهر عليه علامات الغنى الممزوجة بشيء غير قليل من الاعتداد بالنفس نتجت من تلاقح ثقافات كثيرة في عقل الرجل مع تربية جمعت بين قوة وحزم ودهاء (الدياه) ولين ورأفة واطلاع أمه فاطمتون (منيه) على ما سيكون غدا ومكاشفتها عما ستؤول إليه الأحوال وإخبارها به جلاسها وروادها فيرونها كفلق الصبح، ذات عودة من محمد باب إلى مضارب حيه بعد طول انتظار من (منيه) وبعد قولها الكاف المشهور :
اتنكليتك حتَ....واصلْ اعلمتك بيها....ولا تتكلمْ وتَّ.... ما كلتْ انَّكْ فيها
طلبتْ الوليةُ من ابنها التوجهَ في غيبته القادمة "تلْ ساحلْ" ولم يكن نواكشوط يومها قد تأسس بلْهَ أن يكون وجهة، استجاب الابن لرغبة أمه رغم ما كان من علاقات لديه في بلاد "إسنغان" وكان من أوائل الوافدين القاطنين بلكصر حيث بنى علاقاته من أول يوم على أساس من التقوى والاحترام المتبادل فخوله ذلك  الاطلاع على أهم وآخر الأخبار، وبحكم طبيعة عمله كاتبا لقاضي مقاطعة لكصر الأشهر حينها ابَّيْنْ ابن ببانا علم مبكرا باكتتاب وزارة المالية لدفعة من الجمارك داعية الشباب الموريتانيين إلى المساهمة من خلالها في بناء موريتانيا قوية بمواردها عارفة بكل الداخل والخارج منها، سمع الجميع البلاغ وهم في جلسة مقيل بمنزل الأسرة في لكصر، وظهرت على وجه الفتى ابياه الرغبة في الالتحاق بالعمل المعلن عنه لكن أسئلة من قبيل الجواز والإباحة والوجوب تدافعت آراء  الحاضرين واستقر الرأي في الأخير"على أن كل عمل مهما كان يتعرض صاحبه لأن يكون نزيها وأن يكون على عكس ذلك، إنما المحدد دائما هي تربية وشخصية الموظف صالحا وطالحا"
بمساعدة الوالد "أكاه" ومباركته التحق ابياه بعمله الجديد غير التطوعي، لكنه لم يزل فيه متطوعا إلى أن فارق هذه الدنيا رغم خدمته في جميع أنحاء البلاد لم يُورثْ دينارا ولا درهما، بل كان كلُ ما هنالك الذكر الحسن والصيت الذائع بفعل الخيرات، والدَّأب على الإحسان للجميع وفي كل الأوقات.
كنت صبيا في التاسعة من عمري عندما زرتُ ابياه صحبة الوالدة فاطمة الزهراء (الدَّيْدْ) بمنزله في "سيتي ادوان" قرب المطار وعلقت في ذهني مسألتان أرويهما استكثارا واستغرابا دائما وهما :
1-  كثرة البعوض نهارا حيث لم تسبق لي - وأنا القادم من دار البركة قرب روصو - رؤية هذه الأسراب من الناموس نهارا جهارا.
2-  كثرة الإكرام وتنوعه مأكولا ومشروبا وهدايا؛ وكأنه لا يعرف الزائريْنِ (الدَّيْدْ ومشَّالِ)
بعد ذلك بقليل حُوِل إلى روصو فاقترب منا أكثر، ولا أحدثكم عن حياته العملية ولا الأسرية رغم خصوبتهما واحتوائهما على ما يمكن الحديث عنه، ولكني أحدثكم عن ظاهرة غريبة هي الحرص على تقسيم الوقت لديه بين قراءة القرآن والاستماع إلى قصائد مديحية من ديوان البرعي تصدح بهما الخالدة ديمي بنت آبَّ ورفيقها الرائع سدوم، لم يك يوما يحبُ مرافقة "عصره" للعب الورق واحتساء الشاي والحديث عن "الناس" بل كان يقول لمن يدعوه لذلك أنا أفضل الحديث مع "والدتي" عن الأنساب والتاريخ والسيرة وغيرها.
صادفتْ فتْرةُ عمله في روصو قضية تهريب "يبرك" التي تمول منها الكثيرون بينما تبرم منها ابياه واشتكاها في كاف تناقلته الرواة يقول:

                   حــــــــامد لله الِّي امشيتْ  ...    عن مــــارُ مكثرْ عارُ
                   وامشيْتْ ابعيـدْ إليْنْ جيْتْ  ...    لاهْلِ وانْسَيْتْ أَخبــارُ
 
وفي نواذيبو تنقل بين وظائف كثيرة للجمارك لكنه بقي كما كان كريما متواضعا طيب النفس لا يرضى لنفسه ولا لغيره المذلة ولا الهوان، "خرج" مرة مع جماعة الدعوة والتبليغ ولما حان وقت الضحى رأى القومَ يتشاورون في قضية "الترتيب" فهُرع إلى "المربط" وأتى بكبش سمين فقربه إليهم وقال ألا تاكلون، استغربت الجماعة التصرف لكنها رضخت لأمر الواقع لفرط معرفتهم بالرجل وطبعه البعيد كل البعد من العجب والنفاق والتمظهر.
ولم تكن العاصمة نواكشوط رغم ترويضها للكثيرين لِتجد طريقها إلى تغيير طبع ابياه، أو جعله يتوق إلى زخرف الحياة الدنيا خاصة بما لا يتماشى مع دخله، أو تربيته وطبعه القنوع، فحين تزدحم الطلبات على مرفق من مرافق العمل يكون ابياه أزهد الناس فيه، ولا أدل على ذلك من كافه حول طلب التحويل من مكتب "جير" يقول عليه رحمة الله :

يا رب بلِّ فيهْ خيرْ ... نجبرْ فكته عجلانَ
عنْ مكتبْ جيرْ الْما يْجيرْ ... منُّ ماهُ مُلاَنَ
ورغم ما بذله الشعراء من جهد مدحاً ورثاءً لوصف ما كان عليه من تواضع جم وكرمٍ منقطع النظير فإنهم لم يصفوا من ذلك إلا أقله البادي للعيان، وبقي الكثير مما لست أذكره برا بالوالد ابياه الذي لم يكن يرغب بذكر كل ذلك بل يراه من الواجب الذي لا "شكر عليه"

المراثي مرتبةً حسب ورودها :  
         
1-   يقول باكا ولد المختار اسلامه ولد عبد الكريم في رثاء الفقيد احمدو ابياه:  

الخطب يعظم  والآجال اقدار
                                       والنفس في ولع والدهر دوار

والمرء في أمل ما دام في دعة
                                       والعمر طول زمان المرء أكدار

اين الملوك؟ملوك الأرض أين؟ومن؟
                                   وهل وكيف؟متى ذا الأمر غدار

أتى على الكل حين لا يخفف لا
                                   حتى مضوا فكأن الموت دمار

هذي الحقيقة كل الناس يعلمها
                                          ولن يفر من المقدور جبار

لكنه العمل المفضال في رشد
                                يكفي الفتى في الدنا والدين أمار

كما "أبياه" الكريم الأصل عوده
                                    على خصال من الأخلاق قهار

هو الفتى الفهم القح اللبيب إذا
                                ما خاطب الناس قبل النطق فكار

ذاك الممجد رب العرش عادته
                                     محبة المصطفى الهادي وأذكار

ذاك المعين لذي الفاقات ديدنه
                                         الله أكبر والآباء أخيار

قد حاز "أحمد يحيى"فضل والده
                                        المصطفى لذرى العلياء معمار

وذاك خطاري باني العز شادله
                                        ركنا من المجد لا يعروه ادبار

وكلهم لمنال الفضل ذو ثقة
                                     والناس تعرفها والكل أقمار

وأغفر إلهي ذنوبا للفقيد وفي
                                    فردوسك أدخله يا وهاب غفار

واحفظ الهي عيال "أحمدو"إنهم
                                      قد ماثلوا خلقه في الدين ما خارو

وصل رب مع التسليم ما صدحت
                                  "ورق" الحمام على من هو مختار


2-  يقول أحمد سالم ولد اباه:

هاذَ الدَهرْ الِ فيــــــــهْ النَاسْ            احْــــريصَه وادْعاتْ ابْلَفلاسْ
کَعْدتْ دونْ الْ تملكْ بالسَـاسْ            ماهُ خَـــــــــــــــالعْ كانْ أحمدُ
متْبَسَمْ، وِكَسمْ، والعـَــــــــاسْ            كـــــــــانْ اعليــــهْ الا شِ إبدُ
مُسالمْ، يَرحْمُ ينـْــــــــــــكاسْ             والنّــــــــــَاسْ اتْكيسُ منْ بعدُ
تَجْبـــــــــرْ ذاكْ الْفيْدُ بمْلاسْ             مـــــــــــــــا يبْغِ ذكْرُ ولاَ عَدُ

واليومْ الاَ حُكْمًا مَـــــــا مَاتْ              ذوكْ اكَــــــــــــــاهْ وهاذَ عبْدُ
وُ مُحمدُّو والطَــــــــــــافِلَاتْ              بلْبَــــــــــــــــــرْكهَ لاَهِ شَعَمْدُ

3-  المختار اسلامه انجّاي في رثائه:

تعدال احمدو ماينقاس        ؤسخاه ابلا كيس أبياه
واعل دينو تم ألا عاس       ومن قدم شيئا يراه

4-  يقول الأديب احمدو سالم ولد انجّاي في رثاء الوالد ابياه:
أغفرلو يلي ترتجه           ذاك احمدو صفاتو
ماكط اطريكّ امعوجه      خاظ اعليه فحياتو
5-  يقول سيدي ولد بدي :
احْمـدُّو ليـــــنْ امــشَ عنَّ ... عـدنَ دَلُــو مِــنْ دُونْ ارشَ
الديـــــن امـــشَ واخــلعنَّ ... والكِرْمْ امشَ والزِّهْـدْ امـــشَ

وامشَ حد امونك واحنينْ ... بَلاَّلْ احــلـوگت لمســاكين
عطاي المال ابدون اخزين ... وابــلد لغـد وابـلد لعـشَ
صايل للرحم اسو فـــمنين ... حليم ؤلا كــــــط اتــفرشَ
من حـد ؤصــدوق ورزين ... وابلــــد لگـــراي والـوِكشَة
يعطيه الرحمة والغـــفران ... بـــلي منْ حَسنَة فات انشَ
والجـــنة هـــيَّ والرضــوانْ ... -ربي- يــغرظهم ليـن امشَ

6-  يقول الشيخ الولي بن أحمد يحي :
الحلم إتم مسكين اليوم     والفقير أملي ميتوم
عاد اليوم ؤكثرت لهموم  ؤسالت بالدمع المدينه
فمنين أمش شور القيوم.    أحمدو سند المسكينه
والمسكين ؤفيهم معلوم    واحنه ذو كان إربينه
وأمغلينه وأمش مرحوم    إربينه وامغلينه

ماكطّ ؤشكّر فخلاقو       ؤلا مرفوده منو شيينه
يعطيه الخير أبلطلاق ؤ   يعطيه أعل عليينه

لُكان التعدال الينكّال            والما ينكّال إرد أفحال
من لحوال الموت ، ؤذ دال    أعل شي ، مكّاع اتجينه
وأتكوم ؤتمشي  بالتعدال       ول أحمد يحي لمتينه
ثلمتو يغير المآل               هي ماتعرف حانينه
كافي مشي عنه  جمال        الكون الرسول أنبينه
ما كيفو مشي ته يثقال         ذا فالوالد لمعزينه

ماكطّ ؤشكّر فخلاقو           ؤلا مرفوده منو شيينه
يعطيه الخير أبلطلاقُ          يعطيه أعل عليينه

يقول الحسن ولد اباه
احمدوابياه امزاه....لولدادم ذما تنساه
يشبع ذاك ال كامل جاه.....ايرو مزال الكدام
ولعاد الفاصل فجاه.....اراه اعل كلت لكلام
ولبيك اعل الروح امعناه....اكبير امراع للهدام
تعطيه الرحم وكتن ماه.....متندم لكأس السلام
خل محمدو وكاه......اعبدو حامد للكسام
يقول الشيخ ولد المامي في رثاء الوالد ابياه رحمه الله تعالى:

ترحم يللاه  الشكور   مال من لمروه لبحور
سند المدفوره والمدفور     اوسند الماعندو كامل سند
امنين امش ماه مشفور      لايجبر شي يشفر واتكد
ترحمُ.يالحي  الغفور      العبد الكان ألا يسجد
رفاد الفركان أو لكصور    من يوم اخلك واحل فالمد
والي مثل ماه   مجبور   امنين اهل الدرجه تنعد

احمدو  نوارت  عصرو     ماشي فالخير ألا ينفد
طيه النور اليملَ  قبرو        والخلود افجنات الخلد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق