الأستاذة السالمه فال بنت جد الناس
أولا أعتذر عن الكتابة لأني لست أهلا لها ولم أخض غمارها خاصة إذا تعلق الأمر بشخصية مرموقة القدر كالمرحومة (امن) لكنني تطفلت علي أهل هذا المجال تشدني إلي ذالك دوافع كثيرة لعل أهمها أن هذا الحديث شيق لدي ولم أكن لأوثر به أحدا غيري ويساعدني علي ذالك أن هذه معلومات عامة كما قال الشاعر:
حديثا معادا فيه تحصيل حاصل ومخض مياه لا يحصل غير ما
ماذا عساي أن أقول عن من كان والدها محمدسالم بن المختار بن عبدي العالم الجليل والشاعر الكبير، وأمها أم المومنين بنت اليدالي بن محمد
(وليس النبت ينبت في جنان كمثل النبت ينبت في فلاة)
(أري كل عود نابت في أورمة أبي منبت العيدان أن يتغيرا)
أم منت النبي هذه كما سبق أن ذكرنا هي أم المومنين بنت اليدالي سليلة بيت العلم والعلماء وقد كان لها نصيب لايستهان به من علم أهلها فكانت تشارك أخاها العالم الجليل والبحر الزاخر احمدباب بن اليدالي في دروس التركة وهي من أصعب الدروس المحظرية، ناهيك عن تبحرها في العلوم الأخري كالسيرة النبوية وأيام العرب وأنسابها وتاريخها.
أما الوالد محمدسالم فبالإضافة إلي العلم والشعر كان رئيس قومه وقد خلفه علي تلك الرئاسة ابنه العالم والشاعر أيضا المختار اسلامة حتي توفي سنة 1973م رحمهما الله، وعن علم محمدسالم وفضله علي قومه يقول العالم والشاعر محمد بن البراء بن بك هو يرثيه :
ظهر الخميس من ربيع الثاني مات الرفيع بن رفيع الشاني
محمدسالم قطب الوفد سلالة المختار نجل عبدى
من ساد قومه سيادة بها ألبسهم دروع أمن وبها
أنقذهم من كل ضيق بعدما من شدة بال حمارها الدما
في هذا المناخ الخصب مابين العلم والرئاسة والسيادة وبين هذاين الأبوين الكريمين ولدت السيدة منت النبي سنة 1922م عند قرية باميرة المعروفة (بذي الغضية)
فنشأت وترعرت بين إخوة كرام كانو كلهم آية في الحفظ والذكاء فكانو كلهم حفظة لكتاب الله وعن هذه البئر التي كان يقطنها أهل اكاه يحدثنا العلامة الجليل والمؤرخ الكبير المختار بن حامد رحمه الله:
عرفت بذي الغضية ربع مي برسم كالرداء وكالوخي
وكالوشم الذي في رسغ ليلي وكالشامات في الخد النقي
كما يهمي الندي والجود منهم علي الأدنين والناء القصي
اولئك معشر كانت حلاهم علاهم ثم من ذاك الحلي
خلائق شمشويات طباع ومجد قديم مجلسي
وسط أجواء كهذه وفي بيت ملئ بالسيادة والعلم والحكمة نشأت السيدة امن فنهلت من هذا المعين العلمي فقها وأدبا وسيرة مثلها في ذالك مثل باقي الإخوة الذين كلهم حفاظا وعلماء:
والشيئ لا ينبت دون أصل والأصل لايثمر دون فعل
تستوي في ذالك الذكور والإناث فكانت هي واخواتها السالمة فال ومريم محجوبة رحمهن الله سيدات عالمات عابدات قانتات صادقات قولا وعملا راويات للشعر ولأخبار الشعراء وللسيرة النبوية محدثات عن أيام العرب وانسابها وتاريخها فضلا عن أنساب القبيلة والبلاد عموما وتاريخها هذا فضلا عن تبحرهن في الفقه فكن يزاحمن الرجال في الافتاء والتدريس وكان مجلسهن جامعة بكل ماتحويه الكلمة من معني ولاغرابة في ذالك فقد أعطاهن الله عقلا راجحا وحافظة تقف دونها كل آلات التسجيل التي عرفها عصرنا اليوم، رحمهن الله فقد كن من النساء الخالدات اللاتي لايزال ذكرهن يعيق عبر الزمن وشحذ الهمم نحو الرقي بالعلم والعبادة.
وافتداء بنهج الأباء والأمهات في نشر العلم وبثه في قلوب الرجال وحرصا علي أن تشملها خيرية تعلم القرآن وتعلمه فقد كانت لمنت النبي رحمها الله محظرة تعج بالطلاب والطالبات وتدرس مختلف العلوم وسخرت عمرها كله لخدمة العلم وطلابه فتخرج من محظرتها خلق كثير ذكورا وإناثا فظلت رحمها الله حريصة علي تنشئة الأجيال علي طلب العلم وحبه والاشتغال به حتي اللحظات الأخيرة من عمرها الحافل بالعلم والعمل رحم الله أمنا وقدوتنا منت النبي فقد كانت رحمها الله مثالا للمرآة المسلمة الجزلة الرزينة المستقيمة علي طاعة الله ورسوله عابدة خاشعة متطهرة صائمة بالنهار قائمة بالليل آمرة بالمعروف وناهية عن المنكر ناصحة لله ورسوله وللمسلمين ذاكرة لربها بالغدو والاصال ولم تكن من الغافلين.
رحمها الله ونضر وجهها في الجنة مع الذين أنعم الله عليهم من النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق